"الجزء الرابع"

337 13 4
                                    



"امل"

ما ان سمعته يقول لي تلك الجملة لم استطع فهمه في البداية ، الا انه عندما بدأنا جلسة التصوير اخذت المصورة تطلب مني ان اقترب منه اكثر ، لا استطيع انكار انني شعرت ببعض التوتر وشعرت وكأن حممٌ قد ارتفعت لوجنتي ، رغم انني اعلم يوسف وهو يعتبر كزوجٍ ليَ الآن لكنني لا استطيع نسيان مشاعري هكذا بسرعة دون سابق انذار .
عندما سرحت بافكاري قليلا وانا بجانبه شعرت بيده تشدني من خاصرتي لاقترب اكثر ، فاضطربت عندها ضربات قلبي وسمعت المصورة تقول " نعم هكذا بالضبط ، هذا القرب جيد ، لا تخجلا " ، فحاولت ان الملم شتات نفسي ، عندها سمعت يوسف يقول وابتسامة طفيفة تعلو محياه : "لا تتوتري ، لن اقوم بفعل اي امر خاطئ معك هنا ، ففي النهاية نحن مراقبون هنا " ، ثم علت ابتسامته اكثر وكأنه يريد النصر .
سرحت بافكاري قليلا عندما رأيت ابتسامته المنتصرة تلك ، فقمت بضبط مشاعري وصممت على القيام بافضل ما لدي دون توتر ظاهر ، حتى لا اجعله يهزمني بقراراته وكلامه المفاجئ دائماً .
بدأت المصورة تعطينا بعض وضعيات التصوير وانا اقوم بفعلها بافضل ما لدي مهما كانت المسافة بيننا صغيرة ، وقمت بجعل ابتسامتي تظهر وكانها حقيقية .
- اووه انتِ تحسنين الصنع الآن ، هذا جيد ، وابتساماتك جيدة ايضاً ، هل وقعتِ بحبي بالفعل ؟
فقمت باجابته وشيء من السخرية يعلو نبرتي : لا تحلم باحلام كبيرة كهذه ، ما افعله هو لان عائلتي سترى الصور ولا اريد ان يظهر شيء خاطئ بي ، فانا من الممكن ان اكون ساذجة لدرجة انهم يستطيعون رؤية ما بداخلي ... فلا تقم بالتكهنات في عقلك ولا تتعب نفسك حتى بالتفكير .
- ههههههه نعم هذا ما اريده ، وهل اردت شيئاً غير ان تكوني واثقة هكذا من قبل ؟
بعد انتهائنا من حوارنا القصير اكملنا جلسة تصويرنا المشتركة ، وبعد ان مر ما يقارب الخمس عشرة دقيقة ، انتهينا من تصويرنا المشترك وانتقلت لآخذ صوري الفردية ، رغم انه طُلب من يوسف ان يغادر الا انه بقيَ يراقب تحركاتي ، لا اخفي الامر فقد شعرت ببعض التوتر وقتها ، وخاصةً ان نظراته كانت ثاقبة وكأنها تتفحصني تحت المجهر ، فتقدمت منه واقتربت من اذنه : "هل هنالك شيء خاطئ ؟ لمِ لا تتحرك وتذهب الى قاعتك الآن ؟" ، وما ان هممت بالابتعاد عنه مسك بمعصمي و ابقاني على وضعيتي وتحدث :" لانك جميلة جداً بحيث لا استطيع الحركة ، ما رأيك ؟" .
صعقت وقتها من اجابته ، لم اتوقع بانه من الممكن ان يجيبني هكذا وبكل بجاحة ، فأنا قصدت ان احثه على الذهاب دون ان تشك بي اختي التي قدمت لترى كيف نعمل بحلسة تصويرنا .
وددت صفعه للحظة ، شعرت بموجة تضرب ضربات قلبي وعلى اثرها اردت ان اعبر عن مشاعري ، الا ان هنالك شيء منعني عن فعل ذلك , ولم استطع فهم ما هو .

لململت شتات نفسي التي كادت ان تضيع للحظة واكملت جلسة التصوير ، وبعد مدة من الزمن تم اخباري بانني ساتقدم الان الى قاعة حفل الزفاف ، فاخدت اختي تضبط شعري تارة و فستاني تارة اخرى وهي تحدثني والسعادة تملا وجهها البشوش .
دخل يوسف بعد ان طرق الباب وتقدم الى حيث اقف متوترة ، وتقدم مني واخبرني " حان الوقت ، لنذهب الى الخارج " ، تبعته بعد ان قام بمد يده نحوي ، فتشبثت بها وتقدمنا سوياً ، وما ان فتح باب القاعة سمعنا جميع انواع الزغاريت والتهاليل بالاضافة الى صوت الموسيقى التي تعلو في القاعة ، تقدمنا ببطء والجميع يراقبنا ، خفت ان اتعثر الا انني كنت اشعر بقبضته تشد على يدي وكأنه يخبرني بانه لن يجعلني اتعثر ابدا .
عندما وصلنا الى ساحة الرقص ، اخبرونا بان نرقص على مقطع موسيقي كان قد بدأ ، وكانت المقطع ذا طابع هادئ ، فعندما رايت ابتسامة تعلو وجه يوسف ، قلت في نفسي " آآه .. وهاهي الفرص تسنح له واحدة تلو الاخرى ليتقرب مني فقط ويفقدني توازني " ، ثم رفعت راسي وكانني استسلمت للامر .

انقضت ساعات الزفاف وكأنها اخذت عمري كله ، لم اتوقع ان التصنع بالفرح متعب وصعب لهذه الدرجة ، والذي زاد الامر صعوبة علي هو يوسف بحد ذاته .

"يوسف"

مراقبتي لها ونحن في الزفاف ، تجعلني ابتسم في كل لحظة اتذكر بها ملامح وجهها ، عندما طلب مني العودة الى قاعة الرجال بعد ان انتهى الزفاف شعرت ببعض الياس ، فانا ما زلت اريد تعذيبها قليلاً بعد لاكسب تلك الملامح المتقمعة .

عندما كنت انتظرها خارج القاعة وبعض الرجال يتحدثون الي ، اقترب مني اخوها واخبرني بنزولها ، فتقدمت الى حيث خرجت واصطحبتها الى الخارج ، استطيع الشعور باعين الرجال علينا وهمساتهم لنا وهذا ضايقني ، حتى ان بعضهم بدأ بالقاء بعض المزيح الثقيل فوددت لو انني اضربه ، لا يعجبني بان يتكلم احد عنها او حتى يلمح خيالها ، وما ان انتهيت من ثقل دم هؤلاء الشباب اصطدمت عيناي بعيني دانيال الذي يقف بالقرب من سيارتنا ، امل لا تستطيع رؤية شيء بسبب غطاء وجهها فارتحت قليلا فانا لا اريد تعكير المزاج بيننا اكثر من هذا وفي يوم كهذا ، ولكن الذي فاجأني بانه تقدم منا ، فتوقفت انا بدوري .
- و هل انت سعيد الآن بتحطيم سعادتها من اجل انانيتك ونزواتك الفارطة ؟
رفعت امل راسها ما ان سمعت صوته ، ثم رفعت غطاء وجهها ، وما ان لمحت حركتها ورايت كيف ان زينة وجهها قد بانت لدانيال الذي ما ان نظرت اليه شعرت بان انفاسه قد اخذت كما حدث معي مأخوذاً بلطافة شكلها ، فار الدم بعروقي اجمع وشعرت به يحرقني في كل مكان يجري به ، دفعته الى الخلف بقوة اما هي فسحبتها وقدتها خلف ظهري بعد ان اسقطت عن وجهها الغطاء ، ولكن دانيال لم يفتأ عن التوقف بل لحق بنا وامسكني من ياقتي .
- الى اين تاخذها ؟
- وما دخلك انت ؟ انها زوجتي الان .
- لانك سرقتها مني واجبرتها اصبحت زوجتك ؟ وكيف بحق الله يحدث هذا ؟ انت مجنون اليس كذلك ؟
" ارتفعت نبرة صوتي" : ابتعد عن طريقنا دانيال الآن ، لا تجعل اعصابي ان تفلت اكثر من هذا " التفت الى امل وصرخت بها وانا ادفعها نحو السيارة" ادخلي انتِ ايضاً ، هيا .
- لا تجرؤ على معاملتها هكذا ايها التافه ، "انفجر قائلاً" اياك وان تجرؤ . 

حاولت عدم الاهتمام له وتوجهت الى السيارة فصعدتها ، وما ان فعلت ذلك ضغطت على المكابح بكل ما سمحت به من قوة .
سمعتها تشهق تحت الغطاء ويديها ترتجف ، مما زاد حنقي وغضبي ، ولكنني تمسكت باعصابي قدر الامكان ، حتى وصولنا للمنزل ، وما ان دخلت هي توجهت الى غرفتها مسرعة واقفلت الباب خلفها بقوة ، فاقتربت من غرفتها بعد ان شعرت ان احبال صبري وتحملي قد بدات تنقطع سمعت صوت بكائها البائس من الخارج ، فلم استطع ان اتماسك نفسي فقمت بضرب الباب بقدمي ثم اخذت نفسا ودخلت الغرفة.
وانا اتقدم منها تنظر الي هي بنظرات لم استطع فهمها ، هل هي يائسة ، حزينة ام محبطة ، ولكنني تقدمت على اية حال ، وبمجرد انني اصبحت بالقرب منها شعرت بشي حاد يقبض على كتفي ، حتى استوعبت الموقف ورايتها متشبثة بي وهي تعضني على كتفي ، لن انكر بانه كان مؤلماً جداً وكأنها القت بما تريد القاءه في تلك العضة الشرسة ، ولكن وكأن ذلك لم يكفها ، فابتعدت عني وصرخت بوجهي " ابتعد عن مجال رؤيتي حالاً" 

فوضى الفانيلياWhere stories live. Discover now