"الجزء الثالث"

375 13 4
                                    


شَهِقت لدى سماعها اسمها يخرج من فمه دون شعور منها ، فوضعت يدها على فمها لا اراديا والقت نظرها على شيء اخر مانعة نزول الدموع في موقفها ذاك.

"دانيال"

اقتربت منها وانا ارى شيئا من الخوف ينساب الى تعابير وجهها التي دوما ما اشتقت لها ، ثم تحدثت تلقائياً : امل .. هل انتِ بخير ؟ كيف هي احوالك ؟
رايت نظرها يرتفع الى مستوى نظراتي ، وبعض الدموع تملؤ جفونها لتمنع عنها الرؤية ، غضبت لهذا الحال الذي وصلنا اليه الان فقبضت على يدي لا شعورياً ناشدا ببعض الغضب يتسرب ويكسر بعضاً من اصابعي .

اقتربت منها اكثر وانا امنع نفسي بشتى الطرق ان لا امد يدي اليها او اقترب اكثر من اللازم فتضطرب .
تيقنت من موقفها هذا بان هنالك حلقة غامضة بزواجها من يوسف هكذا فجأة ، فشعرت بالعجز امام دموعها التي بدات بالسقوط رغمَ انفٍ عنها .
- هل تودين الخروج واستنشاق بعض الهواء ؟ "قمت بسؤالها"
فأومأت لي براسها على الايجاب وتقدمت بالسير لاجعلها قائدة الطريق ، حتى توقفت عند حافة سطح المشفى المطل على المدينة باكملها .
- كيف هي احوالك ؟ اخبريني .
حاولت بسؤالي هذا ان يبدو الامر طبيعياً بيننا قدر المستطاع ، الا انني ربما لم افلح بذلك ، فسمعتها تقول : انت .. كيف هي احوالك ؟ كنت قلقة بعض الشيء .

ربما تجدون هذا السؤال اكثر من عادي ، الا ان هذا السؤال المكون من ثلاث مقاطع بالاضافة الى الجملة التي تبعته هزا كياني اجمع ، وكما ان لصوتها الرقيق سمع لطيف على اذني وكانني اسمع لاحدى التهاويد الهادئة ، وكأن ارقي في ذلك الاسبوع لم يكون موجوداً ابدا .
اظهرت ابتسامة خفيفة لعلي اطمئن قلبها قليلا :انا بخير ، ولكن لم تخبريني كيف هي احوالك ؟
ازاحت وجهها ونظرت للامكان واجابت : انا بخير ايضاً ، اشتقت للعمل هنا ، العمل اعاد لي حيويتي .

لم احاول ان ادخل يوسف بحديثنا مهما كان ، وهي الاخرى وكأنها كانت تتعمد ان تبتعد عن اي موضوع قد يجعله بيننا حتى وهو غائباً .
في تلك الدقائق المعدودة ، وانا على تلك الوقفة اراقب اية حركة تصدر عنها ،ظننت بانني عدت الى الماضي حتى ولو كان لفترة قليلة ، وهذا انعشني من جديد .

"امل"

حديثي مع دانيال جعلني اشعر بانسانيتي التي لطالما نسيتها مع يوسف ، جعلني اتصرف على طبيعتي المعتادة ، لم اكن خائفة ، متوترة او حتى غاضبة ، كنت استطيع ان استشعر ملامح وجهي المرتاحة وكانني امام مرآة .

بعد انتهائي من حديثي معه وعودتنا لقسم الطوارئ بعد استدعائنا من احدى الممرضات ، عدت الى العمل وطاقة جديدة سرت في انحاء جسدي ، واصبح عقلي مهيءٌ اكثر للعمل بنشاط اكبر .

ما ان انتهيت من احد المرضى ، توجهت لافسر تطور حالته فاصطدمت بدانيال ، كان يكتب في احد ملفات المرضى هو الاخر ، فما ان لمحني رفع راسه وابتسم لي بحنو ، فرددت الابتسامة له بدوري .

فوضى الفانيلياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن