الفصل السادس : الم نصبح زوجين ؟ / "الجزء الاول"

435 13 5
                                    


    ما زلت لم اتحرك ، وما زلت اراقب فقدانها لاعصابها ، هذه اول مرة لي اراها بهذا الشكل ، رغم انني من الممكن قد اغضبتها الكثير من المرات ، الا ان هذه المرة ربما كانت القاضية .
في الواقع شعرت بالم يعتصر قلبي ذنباً عندما رايت دموعها الملطخة بالكحل الاسود تجري على وجنتيها ، ولكن رغم ذلك لم اقم بمواستها ، لانني اعلم بان تلك الدموع لاجل ذاك الدانيال .
- هل انتهيت ِ ؟
وكأنني بسؤالي هذا اشعلت غضبها اكثر ، فهجمت علي وبدأت تضربني بكلتا قبضتيها ، وما ان مرت بعض ثوانٍ على وضعنا هذا امسكت بكلا معصميها حاثاً اياها عن التوقف ، ولكن ما ان امسكت يديها انقضت على رقبتي وعضتني مرة اخرى ، فشعرت بجلدي وكأنه كشط وسالت الدماء منه ، فوضعت ساعدي على خاصرتها وقمت بضمها ، اعلم بان الم عضتها لي لا يوازي مما تشعر هي به الان ، لذلك لم استطع اذيتها اكثر من ذلك ، لذلك ضممتها ، وبعد ان فعلت ذلك شعرت باسنانها تبتعد عن رقبتي ودموعها بدات بالسقوط مرة اخرى لتبلل رقبتي وياقة قميصي ، فضممتها بقوة اكثر وسمحت لها بالبكاء ، لكن هي حاولت ان تفلت باقصى قوتها ان تبعدني عنها الا انني لم اسمح لها بذلك وزدت القوة ضعفاً .

مرت دقائق ونحن على هذا الحال حتى توقفت هي عن النحيب وبدأت تشهق وتهدأ ، فابتعدت عني فتركتها طواعية .
- هل لك ان تخرج الان ؟
فأومأت راسي ايجابا وسحبت نفسي من امامها الى الخارج واغلقت الباب خلفي ، توجهت على الصوفا ومددت نفسي عليها ، وبعد مدة من التفكير العميق ، اغلقت عيني وارتحلت الى عالم الاحلام .


_____________________________________________

بعد بزوغ الشمس ومرور فترة الظهيرة ، فتح يوسف عينيه مستحضراً ما حدث بالامس ، فأخذ يلتفت في كل ركن حوله فلم يجد امل فتيقن انها ما زلت نائمة في غرفتها ، فاستقام من مجلسه وتوجه الى غرفته واخذ حماماً دافئاً نظم فيه افكاره .

توجه الى المطبخ وعينيه ما زالت تراقب باب غرفة امل ينتظر منه ان يفتح لتخرج منه ، فأراد ان يقوم بتحضير الفطور لهما لعله بذلك يخلق جواً افضل بينهما .
قام بتحضير ما يستطيع فعله و وضع كل جهده فيه ، وما ان انتهى توجه الى غرفتها وقرب اذنه من الباب محاولا استعلام ما ان استيقظت او لا ، ولكن لم يستطع ان يشف اي شيء ، فاحتار ان يطرق الباب او يتركها حتى تستيقظ هي وحدها " لعلها كانت مستيقظة طيلة الليل تبكي ، لتستيقظ وحدها سيكون الموقف بيننا اقل حدة " ، وفعلا ابتعد عن بابها .

"امل"

استطيع سماع بعض الازعاج صادراً من خارج غرفتي ولكنني لم اقوَ على التحرك او حتى بأخذ حمام ليساعدني على الاسترخاء ، وايضاً ما زلت بفستان الزفاف وانا منكمشة تحت الفراش افكر بالذي حل بي ، حتى قطع حبل افكاري ورود صوت من هاتفي معلنا عن قدوم رسالة نصية ، فقمت بفتحها وكانت من اختي " كيف كانت ليلتك البارحة ، كنتِ متعبة عندما غادرتِ ، امي من الان تشتاق لكِ ، سناتي اليوم لنبارك لكما في المساء فلا تتفاجآ " .
اغلقت الهاتف وتوجهت الى الحمام لآخذ حماماً ينشط جسدي ، وبعد ان انتهيت خرجت من الغرفة ، كان المنزل يعم بالهدوء حتى ظننت ان يوسف قد خرج منه فشعرت ببعض الراحة ، وما امداني ان اشعر بها حتى وجدته يقفز من كرسيه في المطبخ .
- استيقظتِ ؟ كيف انتِ الان ؟
- وكيف من الممكن ان اكون .
- ممممم ، تعالي لنفطر ، كنت انتظرك بعد ان قمت بتحضير الفطور .
- لا اريد ، لا شهية لدي .
ثم توجهت الى الثلاجة لاخذ كوب ماء او عصير ، فشعرت بيده تمسكني .
- رجاءً ، لنفطر فقط ، وجهك يبدو متعباً .
- وهل هو متعب لانني لا افطر برايك ؟ انت تتحاذق ام تتغابى امامي الان ؟
شعرت بنظرة خيبة تعلو وجهه ولكن سرعان ما قام بمحيها ثم خرج من المطبخ وهالة الغضب بدات تشتعل منه .
خرجت من المطبخ لاتوجه بعدها الى غرفتي فرايته يجلس على الصوفا محملقا في التلفاز المغلق ، فتوقفت لبرهة .
- عائلتي ستاتي في المساء ، اردت اخبارك فقط .
وما ان سمعني اقول الجملة قفز من مكانه وقال : ماذا ؟
-  انه كما سمعت تماماً ، اردت اعلامك حتى يكون لديك علم بذلك ، يريدون ان يباركوا لنا .
- اذا علينا ان نقوم بتحضير انفسنا وتجهيز المنزل .
- وما الذي سنفعله ؟ سنتظاهر فقط بالسعادة ، لا تقلق لقد اصبحت جيدة بشكل لا يصدق في هذا الامر ."اجبته بشيء من السخرية"
ثم دخلت غرفتي واغلقت الباب خلفي وتوجهت الى حاسوبي المحمول وبدات افتش عن شيء يذهب عني بعضاً من افكاري الهائمة .
وردني اتصال على هاتفي وانا اشاهد بعض الفيديوهات وكان المتصل امي .
"اوه امي ... انا بخير ... وانتِ ؟ .. نعم نعم كل شيء بخير لا تقلقي .. نعم ويوسف بخير ... اوه حسنا انتظري لحظة " .
ثم خرجت مسرعة باحثة عنه ، فوجدته في الخارج ، فاقتربت منه مسرعة وامسكت بيده واخذت نفساً عميقا .
 ما بكِ ؟
" بصوت خفيف يشبه التمتمة " : انها امي على الهاتف ، والدي يريد التحدث اليك .
شعرت ببعض التوتر انساب الى عينيه وبيده التي اخذت الهاتف ، ثم بدا يكلم والدي بعد ان اخذ نفساً عميقاً .
"مرحباً .. انا بخير ... وانت كيف هي احوالك ... هاهاها لا لا تقلق انها جيدة جدا معي ... صدقني لا اكذب .. نعم علمت بالامر .. اهلا بك وسهلا في اي وقت هذا منزلك بالطبع .. حسناً وانت ايضا حفظك الله عمي " .

بعد ان انهى المكالمة اخذ نفسا عميقا اخر ، علمت بانه  بشري وقد يشعر بالتوتر في بعض الاحيان ، ضحكت عليه في دواخلي حتى ظهرت ابتسامة على وجهي ولدت التساؤل لدى يوسف .
- ما الذي يجعلك تبتسمين هكذا ؟
فاختفت ابتسامتي ورددت عليه باقتضاب : هذا لا يعنيك .
وهممت بالمغادرة الا انه امسك بي من معصمي بقوة جعلتني التفت اليه لا شعورياً.
- انا لا املك صبراً كبيراً ، لذا لا تقومي باستفزازي . "اجابني باقتضاب واضح"
-  وماذا ان فعلت ، ها ؟ لم اعد اخاف بعد الان .
والقيت يده عني بقوة ثم توجهت الى غرفتي ، اقفلت على نفسي الباب وحاولت ان انام قليلا ،حيث انني مصابة بالارهاق بسبب عدم نومي لليلة الماضية .

"يوسف"

اقترب موعد قدوم عائلة امل ، ولم نقم بتحضير اي شيء للضيافة وفي الواقع لم يكن ما بالمنزل ليملئ عيني بما فيه ، فهذه ستكون اول زيارة لهم في منزلنا ويجب ان اعطي لهم انطباعا جيدا .
لم اسمع من امل اي صوت او ازعاج فظننت انها ربما نائمة او سارحة بافكارها ، ولم اقوَ على طرق باب غرفتها خشية ازعاجها واغضابها اكثر ، فاخذت السيارة وتوجهت الى السوق ، لنقل بانني اشتريت جميع ما راته عيني .

عندما عدت الى المنزل ، سمعت اصواتاً صادرة من المطبخ ، فتوجهت اليه بخفية دون اصدار اي صوت وقمت بمراقبتها .
كانت تلتهم الطعام وهي واقفة امام الثلاجة بنهم ، تذهب جيئة واياباً في اركان المطبخ بحثاً في الخزائن عن اماكن مستلزمات المطبخ وتحاول حفظ اماكنها ، وما ان تنتهي من مضغ الطعام في فمها تعود الى الثلاجة وتملؤه حتى ينتفخ خديها وتعود الى ما كانت تفعله .

مرت دقائق وانا اراقبها وهي على هذا الحال ، حتى خطر لي بان اخيفها قليلا ، فتوجهت اليها بهدوء وهي امام الثلاجة تاكل فهممت بمد يدي الى كتفها ، لكنها التفتت الى الخلف فتفاجأت انا وفزعت هي ، فاخذت خطوة الى الخلف وشرقت بالطعام فبدات بالسعال وعيونها جاحظة تحاول ان تتنفس ، فاسرعت وقربتها ناحيتي وبدات بتدليك ظهرها حتى سكنت فاعطيت لها كأس ماء .
- لا اريد ، اصبحت بخير .
- اشربيها ستكونين افضل حالا .
- قلت لك لا اريد ، تخيفني وتدب الرعب في قلبي هكذا ثم تطلب مني شرب كأس الماء ، كان من الممكن ان اصاب بنوبة قلبية ، الا تعلم كم خفق قلبي خوفاً لدى رؤيتك ملاصقا لظهري فجاة ؟
شعرت ببعض تانيب الضمير لحركتي الغبية تلك عندما رايت الخوف فعلا يقطر من عينيها وملامح وجهها المتوترة .
- اعتذر ، لم اكن اقصد ان اسبب لك هذا الخوف .
احنت راسها الى الاسفل عندما شعرت ببعض الدموع تملؤ جفنيها .
- لا باس ، فقط لنجعل بيننا مسافة .
ثم توجهت الى غرفتها واقفلت الباب خلفها .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فترة من الزمن مرت على موقف يوسف مع امل ، حتى سمع يوسف صوت جرس باب المنزل يدوي بالمنزل ، فخرج من المطبخ بعد ان قام بتحضير الضيافة وتوجه الى غرفة امل فطرق الباب .
- امل ، عائلتك قد وصلت ، هل انتِ جاهزة .
" بصوت بعيد من الداخل" : افتح لهم الباب سآتي الان .

توجه مسرعاً الى باب المنزل وفتحه ، وبدأ بالقاء التحية على جميع افراد العائلة الحاضرة .
- تفضلوا جميعاً الى الداخل ، اهلا بكم ومرحبا .
- اهلاً بك عزيزي ، لكن اين امل ؟ "سالته والدتها"
- ها انا ذا امي ."اتت من خلف يوسف"
اقتربت منها وقامت بضمها ثم قالت " اشتقت لي بهذه السرعة ؟" ، ضربتها امها بخفة على راسها مازحة وتوجهوا جميعا الى الداخل ، اما يوسف فلم يفرط فرصة كهذه فمسك بمعصمها وقربها نحوه : انتِ جميلة جداً الان ، هل السبب اننا سنصبح زوجين حقيقيان الان ؟
فاجابته  بتوتر : ابتعد عني ، سيروننا .
فابتسم يوسف ابتسامة عريضة : وماذا يعني هذا ، نحن زوجان .
ثم اخرج لسانه مراوغاً غضبها 



فوضى الفانيلياWhere stories live. Discover now