"الجزء الرابع"

300 14 4
                                    


"دانيال"

على الرغم من اصرار كل من يوسف وامل على جلوسنا بمنزلهما ، فأنا ربما لن اتحمل لاكثر من ذلك ، بمجرد وجودي في نفس المكان الذي يتواجدان به معاً وفي ما يطلق عليه بعش الزوجية الخاص بهما ، اشعر بغصة تكاد تقطّع قلبي لأشلاء .
صحيحٌ بأنني احاول نسيان امل والتغاضي عن جميع امور الماضي ، ولكنني ما زلت احاول فأنا لم انسها ، ولا احاول التنافس عليها لان منافسي هو يوسف ،ولا اريد بتاتاً رؤيته مهزوماً حتى وان كان بسببي .
استنتجت بعد تفكير عميق عن ماهية علاقة يوسف وامل ، وتوصلت الى انهما متزوجان على الورق فقط ، هذا فقط ان كان ما يدور في عقلي صحيحاً ، حيث اظن بان يوسف قد تزوج من امل وهي مجبرة لاغاظتي ربما بسبب ما حلَّ بيننا من خلافات في الشهور الماضية .
اشعر بالاسى حيال امل ، وأود لو اساعدها ، ولكنني اعلم ايضاً بان يوسف يحبها وان لم يحبها لما فعل بها ذلك ، لا اعلم ما الذي عليّ فعله ، ما زال حنين الماضي يطرأ على مخيلتي ، وما زلتُ لم اتخطى امل .
- اذاً ، اين تريدان تناول الغداء ؟ ."سأل يوسف"
- ولمَ علينا الخروج ، لنتناول الغداء في المنزل ، انا سأطهو لكما . 
- نعم ، ليس هنالك داعٍ . "اكدّتُ على كلام امي"
- لا لا ، ابداً ، ان سمعت امل بالامر ستدفنني حياً ، لا تعلمان كم اوصتني على الّا تشعرا بالملل او اجهدكما بأي شيء ، لذا لنخرج ثم نقرر المكان في الطريق .

وبالفعل ، توجهنا جميعاً الى السيارة بعد اصرار ، وبدأتُ انا بالبحث عن المطاعم بجانب يوسف حيث كان هو من تولّ القيادة ، اقترحتُ العديد من الاسماء الخاصة بافضل المطاعم ، وثبتنا على احدهم .


"يوسف"

اشعرُ كثيراً بأن دانيال سارحاً بافكاره كلّما نأتي بذكر امل ، اظن بأنه لم ينسها بعد ، بل اصبحت متأكداً بعد تصرفاته ، اشعر بالالم كلّما اتذكر الطريقة التي اخذت بها امل منه ، ولكنني انا كنت اول من وقع بحبها ولتزوجتها منذ زمنٍ بالفعل لو اننا لم نفترق .
افكر في فتح الموضوع معه لانهائه ، ولكنني لا اقوَ على ذلك ، بأيُّ عينٍ املكها لافاتحه بهذا الموضوع ، ثم انه ليقول بأننا لسنا زوجين فعلياً لان امل مجبرة .
ان امل تظهر بعض التطورات نحوي ، لذا كيف لي بأن افكر بالتخلي عنها ، ثم انها ليست بلعبة ، انها ارقّ من بتلات الوردة فكيف لي ان اجرحها بتصرفي هذا ، ربما ما زالتْ تفكر بدانيال ، ولكن ان تخليت عنها له سأجرح بذلك انوثتها وان كانت تريد ذلك في قلبها .
وفي الواقع رغم ما حصل ، لا افكر ابداً بان اتخلى عنها ، انها نبض حياتي الذي به اعيش .

اخذتهم للتنزه بعد انتهائنا من الغداء ، وتوجهتُ بهم الى احد الابراج التي تم الانتهاء من بناؤها حديثاً لتكون تجمعاً تجارياً ترفيهياً .
- لم اتوقع بان الموطن قد تغير لهذه الدرجة ."اشارت الخالة اروى بعدم تصديق"
- نعم بالفعل ، ان هذا لا شيء بالفعل ، هنالك الكثير من المناطق التي تم تجديدها ، او حتى بناؤها .

استمرينا بالتجوال الى ان اخذ منا التعب مأخذه ، فاخذتهم الى المنزل ، وما ان اصبحت وحدي في غرفة النوم ، هاتفت امل لأرى اخبارها في العمل .
- ألو . "وردني صوتها"
- امل ؟ كيف حالك حالياً ؟
- ان الوضع متأزمٌ جداً ، لا اظن بانني سأعود الى المنزل الليلة ، فدقائق وستأتي سيارات اسعاف محملة بضحايا حريق من احدى المصانع ، لذا سيكون من الصعب بان اترك لهم الامر وحدهم ، انهم بحاجة لاكبر عدد ممكن من الكوادر الطبية .
- ماذا ؟ اعتني بنفسك جيداً ، سآتي اليك في الحال .
- لا، لا تفعل ، ابقَ فقط بجانب عائلتك ، وان رأيت بان الوضع مزدحم ساتصل بك ، ولكن الان عليّ المغادرة فالسيارات بدأت بالتوافد ، اراك لاحقاً .

واقفلت الخط مسرعة دون سماع اعتراضي او ردّي ، فأسرعت انا ايضاً بدوري اليها لتقديم المساعدة ، فلابدَّ ان الحريق كبير وسيكون هنالك الكثير من المصابين .
وصلت الى المشفى وكانت بالفعل مزدحمة ، في كل زاوية من نظري ارى من يتأوه ويتألم ، وغرف العمليات محجوزة بأكملها ، لم يكن حريقاً فقط ، بل هنالك بعض المصابين سقطت عليهم بعض آليات المصنع وتضرروا بشدة .
بدّلت ملابسي بسرعة ، وبدأت بمعالجة المرضى وابحث عن امل بعينيّ ، لم اجدها ، الاكتظاظ كبير بالفعل ، وبعد مرور ما يقارب الاربع ساعات حتى بدات المشفى بالهدوء تدريجياً ، والمرضى يُنقلون الى غرف مبيتهم ، فعدت الى البحث عن امل ، ولكنها كانت تعمل في احدى غرف العمليات كل هذا الوقت ، والعملية لم تنتهي بعد .
- لقد مرّت ستُّ ساعات بالفعل ، ألم تنتهي العملية . "سالت احدى الممرضات"
- ساستفسر لك عن الامر ، فانا لا اعلم .
- انسِ الامر ، ساشارك بالعملية انا ايضاً حيث ان المرضى هنا اصبح وضعهم طبيعياً .
- ولكن الغرفة بالفعل مليئة بالكادر اللازم لها .
- سأبادل مع ايّ احد .

وهرولت الى غرفة العمليات التي تتواجد بها امل مسرعاً ، ولكنها باغتتني بخروجها وهي تخلع القفازات .
- يوسف ؟ لمَ انت هنا ؟ . "سألتني بحيرة"
- اتيت لتقديم المساعدة ، ورأيت قسم الطوارئ مزدحماً ، من الجيد بأنني اتيت ، ولكن لم كل هذا الوقت في هذه العملية ، لمَ لم تقومي بالتبديل مع اي طبيب اخر ؟ 
- الجميع مشغول بالفعل ، ثم لا باس لدي انت تعلم ، الحمدلله بان المريض على خير ما يرام ، ولكن ما هو الوقت الان ؟
- انها ستصبح الخامسة فجراً قريباً .
- انه الصباح بالفعل .
- لتغادري الان لترتاحي ، وان كان هناك اي امر عالق سافعله انا .
- لا بأس ، سأرى الوضع انا ايضاً ونغادر سوياً ، انك ما زلت في اجازة لمً تشغل نفسك بالعمل ؟
- لانك مشغولة بالعمل نفسه ، فكيف لي بان لا افكر بوضع العمل ؟
- اوه ، نعم ."اجابت بحرج"
- اذاً ، لنتفقد الامر ثم نغادر .

وصلنا المنزل وكانت الساعة تتطرق الى التاسعة صباحاً ، وبمجرد دخولنا اليه حتى استقبلتنا الخالة اروى .
- يعطيكما الله العافية على مشقتكما ، اذا كيف كان عملكما ؟ 
- مزدحم للغاية ، لكن الحمدلله كانت الاسعافات جيدة وسريعة .
- انه يظهر على ملامحكما التعب والمشقة ، لتتناولا الفطور ثم اذهبوا لنيل قسطاً من الراحة .
- اعتذر ، ولكنني  متعبة على تناول اي شيء الان ، سأنام قليلاً وسأتناول الطعام بعد ان استيقظ ، استمحيك عذراً خالتي ."ردّت امل بتعب"
- لا ابداً ، ارتاحي جيداً ونامي بعمق ، لا تقلقي على اي شيء .

اخذت امل حماماً سريعاً تتخلص به من مشقة التعب وتوجهت الى السرير ، لتمر ثوانٍ قليلة حتى تغط بنوم عميق .

فوضى الفانيلياTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang