٨

38 7 4
                                    

تمددت فوق العشب أستظل بإحدى الأشجار سميكة الجذع فارعة الطول وافرة الأوراق متشابكة الأغصان، يتسلل منها ضوء الشمس باهتاً مكوناً رقعاً غير منتظمة الشكل يترك أثر لطيف.

لم يكن ما قولته تهديداً، بجدية أرغب فى إختفائي من الحياة. الموت أحد أشكال الإختفاء وربما أنتقل حينها إلى عالم أجمل وأنقى، عالم لا يحتوى على نساء تقيمني وأم تراني علة ولعنة، عالم لا أضطر فيه للمحاربة بشكل يومي من أجل النجاة من براثن البشر.

البشر، تحديداً مساؤهم ونفوسهم قاتمة السواد من جعلوني أنشد السلام فى عالم الأساطير وأرى كائنات من المفترض أنها دموية أحن وألطف منهم.

السخرية الحقيقية أنى عثرت على شريك لي منهم إلا أنه لا يراني شيء من الأساس، لا يهتم سوى بقلبى -يال رومانسية الكلمة إن كانت فى ظروف أخرى-، تحديداً ما يحتويه من حجر لا أعى كيف إستقر بداخله من الأساس.

أعلم أن مصاص الدماء كان ليراني وجبة له ولكن كان ليعطيني حب لا يفوقه حب. مصاصي الدماء يقعون بالحب بشكل أقرب إلى جنون الهيام، أخبرتني كاثرين أنها محظوظة كون أن بيريام وقع بحبها أو كان ليرفصها بكل سهولة.

أتساءل لِمَ قال كاي أنه لا يمتلك حق الرفض؟! أهذا يعني أنه ليس مصاص دماء؟ ولكنه شرب من دمي؟!.

لمْ يتخذ أى خطوة إتجاهي حتى بعد عودته، أ يجب أن يجعلني أشعر بكم انعدام الكرامة من مبادرتي الدائمة نحوه وتوسل إهتمامه؟

أدرك جيداً ما أقوم به وأشعر بالألم من تصرفاتي ولكن ألا يحق لي أن أشعر أني شيء هام لأحدهم فى أيامي القليلة المتبقية قبل توهج الحجر؟

دهست أشواك الكرامة حافية الأقدام، دمي كبريائي مع طرقي باب مكتبه، أتى صوته يسمح لى بالدخول. وقفت على أعتابها دون إتخاذ خطوة أخرى نحو الداخل وأردفت بطلبي بهدوء " أرغب بزيارة قبر صديقتاى والفتاتان من حادثة الشاطئ. الأمر غير هام لك ولكن عدم زيارتهم إلى الأن تعد إهانة لأرواحهم بالنسبة لى. لن أزعجك مجدداً بأى شيء لشهور."

صرف نحوى نظرة مكذبة بشأن عدم إزعاجه فأقسمت له بأني سألتزم حدودي كما يريد وأن الإتفاق بيننا ملغى، وإستبدلته بالحفاظ على حياتي إلى بعد حضور زفاف أختي الصغيرة إن ما حدث وتوهج الحجر قبل ذلك.

قبل بالأمر معقباً بسخريته المعتادة " هذا أفضل من هرائك السابق بشأن المشاعر، سأحرص على حضورك حفل زفاف أختك."

أشحت أنظاري بعيداً عنه حين ذكر أمر المشاعر بإستهتار، لا أتوقع تفهمه أو تفهم أي شخص أخر.

أعدت إستفهامي بشأن زيارة المقابر فأعلمني أنه سيحدد وقتا قريباً للأمر، وأنه يصدق قسمي لبقائي هادئة وبعيدة عنه لثلاثة أيام.

بالصباح التالى أتي دق الباب يعلن عن وصول كاثرين تخبرني أن أستعد للذهاب إلى قبور الفتيات. أمسكت يديها شاكره وإستعلمت منها بنبرة أقرب إلى الرجاء " كاثرين، أيمكنني شراء ثوب عزاء؟. لا أمتلك شيء لائق لزيارتهم."

كاتارا تو كميرا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن