٣٨

23 7 0
                                    

كانت تطالع السماء من الشرفة، فدنى منها يغمرها بأحضانها هامسا بأذنها بصوت رخيم  " جسدك بارد أماليا، أنتِ بخير ليليا؟ "

استدارت تحتضنه بكلتا يديها وبصوت شبه باكى أجابته  " أنا.. لست بخير."

أبعد رأسه عن نحرها يسألها عما يؤلمها، وقبل الإبتعاد إحترق جانب صدره الأيسر ألماً، وتفجرت منه حمم الدماء ملوثة كفها الممسكة بمقبض الخنجر بينما نصله يستقر بفؤاده.

ابعدت كفها عن المقبض بفزع وانسابت الدموع من مآقيها، دمائه لطخت شفاهها التي إختفت خلف كفيها تكبح صراخها وشهقاتها.

ظلت أعينه عالقة عليها، هُدَّ جسده وثقل. وعجزت قدماه عن حمله، فسقط ببطء على ركبتيه بأنفاس ثقيلة وأعين تتثاقل أهدابها تعلن انها ستغلق قريبآ.

جثت أمامه باكية، فمد أنامله الواهنة الملوثة بالأحمر القانى تزيل دمعها إلا أنها سقطت أرضاً كصاحبها قبل بلوغها مرادها.


                  ***************


اسرعتُ الخطا نحو جناح كميرا مع صراخ أماليا المتكرر بإسمى، كان الباب عصي الفتح ثم بعد برهات تمكنت من فتحه وتزامن مع دلوفي انتشار رائحة دماء كميرا.

سُد مدخل باب غرفة النوم بجسد أماليا التى هرعت نحوى ما أن رأتني وبصوت مزعور قالت  " فيشنو.. فيشنو.. كاى..كاى. "

دفعتها عنى بأكبر قدر من التعقل والهدوء كى أرى ما به كميرا. الأقفال الرادعة، والهواء المشتت للرائحة كانت حيل يحمى بها أماليا من شر ما سيحل عليها حين نبصره مضرجاً بالدماء. وقد تلاشت جهوده مع تلاشي قواه.

تخاطرت مع كاثرين وبيريام وحضرا بسرعة البرق بل ربما اسرع من ومضاته وأشد قسوة من انفلاق السماء بحضوره.

توليت إبعاد أماليا هذه المرة وغادرنا الجناح تاركين كميرا بصحبة الأخرين. كان جسدها ينتفض بشده بينما تناظر الدماء المغرقة لأناملها وكفوفها بهلع وفراغ، وأعين زائغة مليئة بالتيه.

لا يمكننى مواساتها ولا أجرأ على إجتزاز قلبها كما يحثنى عقلى انتقاماً لكميرا فتركتها لضياعها، تبعتها حين ركضت بجنون بالأرجاء تبحث عن شيء ما ولم يكن سوى المياه.

أغرقت يديها بمياه النافورة بالحديقة وظلت تحكهما حتى بعد زوال الدماء، كانت مقتنعة أن الدماء ملتصقة بنسيج جلدها مهما حاولت التخلص منها، حتى بدأت يديها بالنزيف وخضبت بدمائها ولكنها على يقين أن ذلك السائل اللزج معدنى الرائحة يخص كميرا.

كانت تصرخ وتصرخ وتتضرع أن تزول الدماء وتعنف يديها بغلظة وعشؤائية بالمياة حتى إهتاج سطحه الساكن وشرعت التموجات تضرم به وتتناثر المياة بالهواء وتسقط من الحواف على الأرض بغزارة لقوة حركة الأخرى.

كاتارا تو كميرا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن