٤٣

28 6 0
                                    


لم يصرف بيريام نظرة واحدة نحوى وتعلق بصره على أماليا قبل أن يستحوذ عليه مشهد إحتضان رفايل لأفاريا وكيف يواسيها ويقبل جبينها بينما تختفى بين زنديه، فتسمرت أنظارى عليهما كذلك.

أجزم أنه يحسدهما أو يتخيلنا محلهما، أرغب بإتخاذ خطوة نحوه ولكن قدماى مثبتتان كالأشجار لا تتحركان. جذور الندم وتأنيب الضمير تقيد أقدامى تمنعهما من الحراك، ولسانى عاجز عن نسج الكلمات كعادته؛ فمعولى محطم وخيوطه بالية، مهما حاولت الغزل تتفتت الحروف مع الخيوط قبل الاكتمال.

أتكيف مع البرودة بحكم عشيرتى المنتمية إلى الرياح الغربية الباردة أما الحرارة العالية تضعف قواى وترهقنى جسمانياً، سرت بى برودته تحمل المجون إلى خافقى حينما أمسك بعضدى يمنع فقدانى التوازن حين داهمنى الدوار.

رفعت عيني إليه فأشاح بوجهه بعيداً، ضم جسدى إلى رحابة صدره ما أن إتخذت خطوة إلى الوراء بغية الابتعاد عنه. يداه حاوطط بدني وهمس بأذني بصوت فشل فى الظهور غير مبالى كما أراد إظهاره وغلب عليه الشوق والاهتزاز   "إبقى هكذا إلى أن تزول الحرارة."

أسندت رأسي إلى صدره اومأ عليه بصمت بينما يداى قبضت على قميصه من الخلف خشية أن يكون وهماً ويبتعد عنى، تلمست موجات الاضطراب تعصف به من حركتى تلك وابتسمت ما أن خفق قلبه الميت.

قلوب مصاصي الدماء لا تنبض إلا بتواجد الحبيب ولا يشعر بها سواه أما للبقية فلا تزد عن كتلة عضلية لا فائدة لها بصدور كائنات ميتة.

إنصرف رفايل يحمل أفاريا المستغرقة بالنوم ولا أهتم إلى أين ذهب فكامل حواسى منغلقه على احتضاننا، تعلقت بعنقه ما أن حملنى قاصداً فراش أرضي أعده بقوة الإذهان.

طريقة وضعه لى على الفراش تخبرنى أنه يعطيني الحرية بالابتعاد عن أحضانه وسيكتفى فقط بالجلوس بجانبى؛ فزدت من معانقة نحره وخبأت رأسي بها متمته  "لا أرغب بالابتعاد، لنظل هكذا."

تمدد بى على الفراش محافظاً على عناقنا، غمرت ذاتى أكثر به تحت وطأة صمته الخارجى ونبضاته القارعة كطبول الحرب، سحبت كفى اليمنى عن عنقة وأرحتها على خافقة فتدافعت نبضاته تبغى الوصول إلىّ.

تمتمت خافضة الرأس  "أعتذر بيريام، أنا حقا أسفة لن أكرر ما قولته مرة أخرى ولكن توقف عن جفائك معى."

ثقل غيم عيني وعجزت عن حمله بمآقى فتهامر المطر من محاجرى يروي قميصه متابعة بصوت شجى "أخطأت حين أغلقت الرابطة وأندم على ذلك ولكن لم يكن عدلاً أن تحجب ذاتك عنى بيريام، أشتاق اليك بيريام، أشتاقك كثيراً، يكاد الشوق يخنقنى. "

رفعت عيناى حيث بؤبؤيه البنيين كلحاء أشجار الصندل المقدسة لعشيرتى وصارت أكثر تقديساً لى بعد رؤية أعينه   "أعلم أنى أسوء حبيبة ورفيقة وأفشل من يعبر عن مشاعره ولكن .. "

كاتارا تو كميرا Where stories live. Discover now