٤٩

30 6 0
                                    

تقابل كميرا مع نيكس للمرة الأولى منذ ولد، فكما البقية حملته ذنب ولادته وفوقها ذنب موت طفليها الأعز على قلبها. وقفت أمامه بهيئتها الساحرة والمهيبة، هيئتها كانت كفيلة بجعله يتفهم سبب مهابة الأباطرة منها.

شامخة كمسلة مصرية، نقشت بإبداع يجبرك على تأملها دهراً، مزهقاً عمرك بأكمله بفك طلاسمها.

بشرة مشربة بالسواد مرسوم فوقها تكوينات نجمية، أعين محاجرها من ياقوت أزرق ملكي داكن يحوى لمعة لازوردية. أنف دقيق، شفاف قرمزية مكتزنة.

لا يفسد براءة تلك المعالم سوى الأعين الزائدة، فأسفل كل عين من أعينها توجد ثلاثة أعين أخرى أصغر فى الحجم، على الجانب الخارجي إثنتين وبأعلي الحاجب على الجبين ستة أعين متوسطي الحجم وواحدة صغيرة بالكاد تدرك، جميعهم بذات المحاجر الياقوتية.

خصلاتها الدهماء مقيدة خلفها بثلاث دوائر فضية، تغطى أفخاذها من الخلف. ردائها الامبراطورى مموج كضباب الليل، يشع بالأسود والياقوتى الداكن.

بيدها يقبع صولجان فانس، بقامته المنتصبة بلون ذهبى والأفعي السخماء الملتفة حوله بأعين مارونية.

أجنحتها السوداء تنبثق من ظهرها، تغطي مساحة شاسعة من جانبيها، وتطفي هالة من الإبهار فوق هالتها الخاصة. سواد أجنحتها الأربع، لا يضاهيه سواد حتى سواد الليل المخيم عليهم. أجنحتها لا تندمج مع الظلام، بل ظاهرة منه ومميزة تجعل الليل باهت أمامها.

رغم كامل حقده وكره، رجف قلبه إعجاباً بالمرأة التى انحدر من نسلها. نفض أفكاره من لوم وتقريع وإعجاب عن عقله، ووضع صوب أعينه هدفه الوحيد.

بادر بالحديث ممزقاً الصمت "لطالما إكتفيتِ بالمشاهدة، فظل كما أنتِ. استخدمى الصولجان وقوى فانس فى حماية مملكتك، فالقادم دمار شامل. لا تظنى أني أهتم بكِ او بإمبراطوريتك، أحذرك فقط من أجل خالاتي الهيسبيريديس وما قدمنه لى. فكوني شاكرة لهن."

شلت حركته حين نبست بصوتها الرخيم " الإبن كأبيه. لم يجرأ أحد على التحدث بجرأة معي سوى ثاناتوس."

قبض يده يوليها ظهره مردفاً " سأثبت لكِ أني لا أشبه، لست مرهف القلب ولا أترك أعدائي خلفى هانئين وأهرب من الصدام."

حدق بأعينها بنصف إلتفاتة مستطرداً "سأبيد الأوليمب، وأنهي عصر الأباطرة. إبقِ أبنائك بجوارك؛ فلن يأخذني رأفة بمن سأجده بجانب زيوس."

حدقت بمكانه الفارغ بشرود، تستشعر ما خلفه من وعيد صادق ملء بسموم الأحقاد. إنها حرب صريحة هذه المرة، ولا يمكن تجنبها فحسب. فأي فريق يجب أن تعاضد؟ أتقف بصف حفيدها إنتقاماً لأطفالها أم تأزر الأباطرة كي لا يختل توازن الوجود؟

                    ~~~~~~~~~~~

اتجه كميرا إلى قصره المكتظ بأمراء وحكام وقادة الممالك التابعة له. أعلن كميرا دون ترحيبات "سأشن حرب على الأباطرة، من يشأ المشاركة ليفعل ومن لا يريد لينزوي جانباً. لا نقاش أو جدال، فقد حسم الأمر."

كاتارا تو كميرا Onde histórias criam vida. Descubra agora