٢١

38 8 8
                                    

إرتدت السماء وشاحها الأسود وإختبأ قمرها خجل خلف غيوم بيضاء، الأم وإبنتيها متكدرات الطلع يكافحن رسم الإبتسامة إلى نساء عائلة مينديناس المنتشرات داخل المنزل كالجراد بموسم الحصاد.

اليوم الأول من أسبوع الإحتفال السابق للعرس على وشك الإنتهاء ولم يتمكنوا من الوصول إلى أماليا بعد، مضى شهرين على أخر رسالة منها بأنها ستضطر لعدم إجابتهم لبعض الوقت.

راسلوها منذ أسبوعين يعلموها بيوم العرس ويأكدون ضرورة حضورها أسبوع الإحتفال، إلا أنها لم تجب.

تقدمت سيدة شاهقة البياض مفرودة القوام بشعر أسود داكن طويل تجدله خيوطاً كثيفة وتلقي به فى محفة قماشية تحملها على ظهرها، تبدو بمقتبل عقدها الرابع ولكن عمرها الحقيقي يتجاوز الستون بثلاثة أعوام.

تحدثت السيدة بروكسا إلى السيدة أناريا بنبرة محتدمة غارقة بالتسفيه " تصرف متوقع من عار عائلة مينديناس، هى لا تحترم أحداً ولا تسبب سوى المشكلات واللعنات. فكرى مجدداً بحذفها من سجل العائلة أناريا، إنظرى إلى الخزى التى أوقعتك وأوقعت أختيها به. إتخذينى مثالاً؛ فرغم ما فعلته معى ليلة عيد ميلادها أتيت إلى أسبوع إحتفال التوديع إحتراماً لتقاليد عائلتنا."

توترت الأم وأخفضت رأسها أرضاً لا تعى كيف تبرر فعلة إبنتها، وتخاف ما سيصنعه ظهور أماليا بشعر محلوق ووجه يحمل ندبة لم تعد تخفيها، غياب أماليا أومجيئها سيان، فلن ينتج عنه سوى إهانة العائلة.

تدخلت أداريا بالحوار فارهة " لهو شرف عظيم لعائلة مينديناس حمل أماليا لقبها، فهى مجتهدة دؤبه عكس الكثير من الكسالى سليطى اللسان."

إنتفخ وجه السيدة بروكسا وإحتقن من إنفعالها وقبل الرد على أداريا أضافت أفاريا تزيد إشتعالها " أمى، كم مرة يجب أن أخبرك بالإهتمام بنظافة المنزل. هناك حرباء ملونة مشؤمة الطلع تنغص على إحتفالى الثمين."

إلتفتت إلى السيدة الغاضبة متابعة بسخرية واضحة "أوه سيدة بروكسا، وجودك مفاجئ بحق؛ فلا أذكر أنى وجهت إليك دعوة. على كل تمتعي بالحفل والوجبات والإقامة الملكية المترفة المجانية التى ستستمر حتى وصول أماليا وتظل قائمة لأسبوع كامل من حضورها، فالإحتفال لن ينتهى ولن يقام عرس إلا بحضور الإبنة البكر لأسرتنا."

سحبت أفاريا أختها ورحلتا بعيداً عن المرأة التى ترغبان بإقتلاع لسانها الذي لا يكف عن بخ سمه بآذان الحضور حول أماليا، السيدة أناريا ظلت تعتذر من السيدة بروكسا أو الحرباء كما تفضل الأخوات مناداتها.

الأخوات متأكدات أنها ستلتصق بهم إلى موعد الإنتهاء، فهى تتغذى من خير غيرها ولا عمل ولا شاغل لها سوى إستغلال ترف الأخرين لعيش حياة جيدة، ورغم ذلك تجرأ على التبجح فى عقر دارهم.

البيت ضم نساء العائلتين (العروس والعريس)، وأقارب الدرجة الأولى من الرجال، أما بقية الرجال ورفايل فإنهم بمنزل خارجى يبعد خطوات قليلة عن المنزل الرئيسي لعائلة عروسه.

كاتارا تو كميرا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن