٤٥

23 6 0
                                    


أول ما وقعت عليه عيناي كان جسد كاي ممداً على طاولة عقيقية ذى نقوش غائرة محاط بالشموع، بذات الشحوب والأهداب المسدلة والبنيان الخالى من الحياة.

رائحة الصندل اللاذعة تعبق بالمكان وتملؤه بشذاها حتى تذوقتها بفمى وخنقت رئتاى. الحجرة بأكملها من العقيق المنحوت بنقوشات غائرة وقلة بارزة وفى ختام القاعة ربض تمثال لتنين ضخم ملتوى الظهر يزينه ريش بنى محمر وبرتقالى.

فطنت أنه تجسيد إمبراطور الرياح الغربية حين جثت كاثرين أمامه بيد منقبضة، تركن على صفيحة كفها الاخرى المنبسطة وأخذت ريشتها بالتوهج مضيئة خصلاتها بضياء ترابى.

فُتح الباب بعجالة وإنضم إلينا ثلاثة رجال وإمرآة، من يترأس الوفد كان رجل بالمنظور البشري بمنتصف عقده الخامس والأخر على يساره يقاربه العمر ربما يصغره بسنتين أو ثلاث كأقصي تقدير، والشاب بجوار العجوز الأصغر أعتقد أنه ببداية عقده الثالث والمرأة على يمين الرجل لا تزد عن السابعة والأربعين.

إمتلك الرجال خصلات طويلة تتخطى الأكتاف، العجوزان بلون رمادى أسود والشاب بلون لحاء الأشجار. تمازجت أعين الرجال وتموجت من العسل الصافى والبندقى والأخضر بداية من الشاب إلى العجوز المتقدم عنهم مروراً بالرجل الفاصل بينهم أما الأنثى فحدقتاها تموجت بالعشب المتروع بالشهد وخصلات كخشب البلوط مسترسل كوشاح حريري تتراقص أطرافه فوق خاصرتها.

بشرتهم داكنة وملابسهم قبلية من القماش والجلد وتتزين خصلاتهم بريشة مشابهة لخاصة كاثرين اختلفت فقط فى درجة غمقان الألوان المتشبعة بها.

أخفضت كاثرين رأسها لأكبرهم سناً ومكانتاً وكررت فعلتها من البقية خاتماً مع المرأة التى احتضنت وجه كاثرين بأعين مترقرقة بالدموع نابسة بصوت رخيم حزين يميز صوت الأمهات  " كيف حالك صغيرتى؟ "

لم تفه كاثرين حرفاً وطالعت الرجل بالمقدمة فأشاح بوجهه عنها بجمود؛ فأخفضت رأسها بذات الصمت بينما الشاب على أقصي يساره رمقها بنظرات يختلط فيها الحزن بالتأنيب.

نطق العجوز ذى الأعين المتخمة بعلو الشأن والمعرفة  "لِما تنبعث هالة كميرا من تلك الفتاة؟ "

إنضم الشاب يوضح تسرعهم وتوترتهم حينما إندفع الباب يعلن قدوم أهوج  "ظننا أن كميرا قد إستيقظ عندما إستشعرنا هالته بالمعبد."

بللت كاثرين شفاهها بقلق وتوتر غزى كامل كيانها وتفصد العرق جبينها ولاحت أعينها تدور بالأرجاء تبحث عن طريقة لتقديمى إليهم بأى شيء عدا عن هويتى الحقيقية.

إخترقت المسافة الفاصلة بين كاثرين والجمع الصغير أنجدها من حالة التيه والذل التى لا تناسب الفتاة القوية الشامخة المدعاة كاثرين، مهما حدث بيننا لا أزال أكن الإحترام لشخصيتها المقدامة الآبية الواثقة.

كاتارا تو كميرا Where stories live. Discover now