٤٧

33 6 0
                                    

طغت هالة دخيلة على أراضى مملكة الموت العظمى يستقر منبعها بساحة القصر الخلفية، نالت من أنوبيس دهشة طفيفة من معرفة أنها تخص أخيه كميرا؛ فهالة كميرا مميزة لا يخطأها أحد.

ألجمته هيئة أخيه الجديدة حيث اقتحمها اللون الإردوازي بحواف بؤبؤيه وأطراف أجنحته، كان قطعة فنية جديرة بالتأمل الصامت.

ابثق صوت كميرا بنبرة أبرد وأغلظ من المعتاد  "أعدها لى؛ فهى تخصنى وحدى."

عجز عن قول روحها فهذا تأكيد على ما آلت إليه النهاية المشؤمة، راوغ أنوبيس يدعى عدم فهم ما يتحدث عنه أو يشير إليه.

لم يكد يطرف بعينه وكان عنقه مكبل بمخالب كميرا حيث طغى السواد على أعين الأخير يتخللها شقوق من القرمزى والإردوازي لدمج قوى فانس بالحجر وطاقة الجليد.

هسس كأفعى حاقدة  " كف عن المراوغة فسبق وأن استشعرت بهالتك بحجرة المعبد. "

أطبق على عنقة يزيد مقدار الدماء المنهمرة من نحره مستطرداً  " لن تكفنى حياتك ثمناً لصمتك، ولا حتى مملكتك. العالم السفلى بكامل قاطنيه من كائنات وأرواح سيغدو ماضياً."

أزال أنوبيس فكرة مقاتلته من عقله ليس لأنه عاجز أو جبان وإنما تحاشياً لصراع سيخلف وراءه العديد من الكوارث ولا سيما أن أعين غريمه تتظلى بزمهرير الغضب والإنتقام.

لجأ إلى حلمه ورزانته المعهود بهما قائلاً بنبرة لينة متحشرجة من قبضة كميرا  " إنها على قارب مثبته فوق نهر النسيان، الفاصل بين القصر ومحكمة الموتى. "

زاغت أعين كميرا وتراجع جسده مترنحاً إصر طعنة غادرة أخرى تمثلت بكلمتين "نهر النسيان"، النهر الذي يعبره الموتى بمساعدة أنوبيس بقوارب من أخشاب البلوط وخلاله تمحى جل ذكرياتهم بدءاً من الأحدث حتى يوم مولدهم كل ذلك يتم بدقائق معدودة كأن سنون حياتهم لحظة أو أقل. ماذا عن من بقت بمياهه ثلاثة أيام؟!

إستقبلت أرضية الفناء ركبتيه المتهاويتين فوقها وصدحت صرخة عظيمة تملئ فراغ الصمت المنبعث من فمه المنفرج، حمى أنوبيس أذنيه بكفوفه من دوي الصرخة وتشققت الأرض وتصدعت الجدران من صداها؛ فأقسم أنوبيس أن أخاه قد تمزقت حنجرته فلا سبيل لنجاتها من صرخة كتلك.

حممه الدامية تهافتت كوابل من المطر تذيب الأرض من وقعها فذهلت أعين أنوبيس مما وصل إليه أخيه من وضع مفجع، وهاله تشكل نقطة قانية بالعين المحرم هبوط الدمع القانى منها.

" أخى! "

هدر بها أنوبيس بصوت مرتعش ودنى بجواره يترجاه إبتلاع دمعته فلن يتحمل خسارة أخر فرد من عائلته والشخص الوحيد الذي طالما إعتبره ذا شأن وضمه دون إكتراث لكونه بن الهارينز.

أن تنساه ويحمى من ذاكرتها شيء أقسى من أن يتحمله، إنهار فتات صموده المتكأ عليه وهوت حصونه المتأكله وسقط مهزوماً أمام قسوة القدر. فتح عيناه الملتهبه الدامية وقبض الأرض بكفيه هادراً بصوت إهتز له قلب أنوبيس خوفاً عليه ومنه فى آن واحد  "ليس القدر وإنما الأباطرة، ليسقط كل عهد وقسم. لا فرص أخرى سأخط نهايتهم بيدى وأتلاعب بهم كما تلاعبوا بحياتى، سأسلبهم كل شيء كما سلوبنى، حان وقت إثبات أن كاتارا تو كميرا لعنة خلقت لمحوهم."

كاتارا تو كميرا Where stories live. Discover now