الفصل الحادي عشر

850 38 12
                                    


#سلسله للقدر آراء أخرى ج٣
#ناهد خالد
#وجوه خادعة
#الفصل الحادي عشر
فتحت عيناها لتجد آدم يحتضنها ومن الواضح أن الرصاصه قد أصباته هو، هتفت بارتعاش ونبره صارخه وهي تسقط به :
_آآآااادم.
سقطت أرضاً وهو فوقها، أخذ العساكر عمار سريعاً إلي السياره وانطلقوا به هو والآخرين، واتجه أسر ركضاً لأدم المسجي فوق ليل التي صرخت ثانية بأسمه، وهي تشعر بالدماء بيدها، استمعت لصوته يهتف بضيق:
_وطي صوتك ودني اتخرمت.
حاول الابتعاد عنها في نفس الوقت الذي عاونه به أسر علي النهوض ومن ثم أجلسه مسنداً إياه علي حائط المخزن ، قامت هي الأخرى بسرعه واتجهت له وهي مجثيه علي ركبتيها مررت يدها بلهفه علي ذراعه وهي تحاول اثناء جسده هاتفه بقلق جم:
_اتصبت فين!!؟ والدم ده منين؟ وسع شويه يا آدم خليني أشوف الله.
هتفت بها بضيق بالغ وهي لاتستطيع زحزحته سنتي واحد وهو ينظر لها مبتسماً، كان يروق له كثيراً رؤية خوفها الواضح ولهفتها المحمله بمشاعر صادقه، قال بهدوء :
_اهدي بس دي جت في كتفي، انا لبس واقي أصلا ً متقلقيش.
هتف أسر وهو يساعده في النهوض:
_طب قوم يلا، خلينا نروح المستشفي قبل ما دمك يتصفي.
وقف وبجانبه ليل واتجها إلي السياره، صعد آدم وليل بالخلف واحتل أسر مقعده خلف عجلة القيادة، كانت ليل طوال الطريق تحاول كبح نزول الدماء، بعدما نزعت عنه الواقي، واستخدمت أحد الأقمشة الموجودة بالسيارة لتضغط به بلطف علي مكان الجرح، كل هذا وأدم يراقبها بابتسامه مرهقه  لم تُزال عن ثغره يحاول البقاء مستقيظاً فقط لرؤيتها، فكانت ابتسامته تُرسم تلقائياً نتيجة لكل ما تفعله، ولكن هي لم تلاحظ نظراته العاشقه نحوها فقط كانت تهتم بالجرح، فكل ما يشغلها الآن أن يصبح بخير.
_____________________
بعد فترة قصيرة كانوا قد وصلوا إلي المستشفي، ترجلوا جميعاً واتجهوا لغرفة الطوارئ، ومن ثم بعد الكشف إلى غرفة العمليات لإزالة الرصاصه، لم يستغرق الأمر سوي عشرين دقيقه تقريباً، وليل وأسر يقفان بالخارج بقلق طفيف فهم يعلمون أن الوضع ليس خطر ولكن القلق لابد منه، خرج الطبيب فاتجهوا إليه ليقول :
_الحمد لله الرصاصه مكنتش عميقه أوي، متقلقوش وكلها ١٠ دقايق ويفوق هو أغم عليه أول ما دخل العمليات بسبب الدم الي فقده، بس مش هياخد كتير وهيفوق بسرعه، عن اذنكم..
تنهدا براحه، وبعد دقائق كانا يقفا بغرفة آدم المسطح أعلي الفراش ينتظران إفاقته، رن هاتف ليل، فوجدتها حياه فقالت لأسر بصوت خافت  :
_دي حياة، أكيد هتبكتني عشان مشفتش وشي النهارده، هطلع اكلمها بره عشان مزعجش آدم.
ابتسم لها بهدوء لتخرج لكي تحادثها
________________
_حبيبتي وخالة عيالي.
هتفت بها ليل بمرح تحاول تخفيف الأمر، ولكن فشلت حينما استمعت لصوت حياه يهتف بحدة :
_أنا نفسي اعرف أنتِ فين دلوقتي! واحنا بقينا بعد الفجر أنتِ بتهزري ياليل؟
_معلش ياحياه والله غصب عني، أصل آدم اتصاب في المؤمريه اللي كان فيها ويدوب خلصت شغل عرفت الخبر فروحت اطمن عليه.
ردت حياه بضيق :
_علي فكره أنا لحد الآن مش فاهمه اي علاقتك ب آدم، ولا أي اللي بينك وبين زين، هفضل مش فاهمه كده كتير!؟
تنهدت ليل بعمق مردده:
_هتعرفي بس كل شئ بآوان.
___________________
في داخل غرفة آدم
استفاق رويداً رويداً فوجد آسر جواره الذي هتف سريعاً :
_حمد الله على سلامتك يا صاحبي.
رد بوهن :
_الله يسلمك، عاوز أشرب.
أسرع أسر يأتي بالماء وأعطاه الكأس، ليرتشف منه ويروي ظمآه، مجرد ما انتهى قال بتساؤل :
_سيف عمل اي!؟ هو كويس؟ كان بينذف صح؟
أغمض أسر عيناه يعتصرهما بغضب يشتعل بداخله، ونار تأكل جوفه،ولم يجد ما يرد به.
خشي آدم من ردة فعله، وظن أنه قد أُصيب بمكروه، فبدأ يحاول الاعتدال في جلسته وهو يردد بقلق:
_سيف ماله يا أسر؟ حصله أي؟
_كويس يا آدم متقلقش.
قالها ببرود، ليرد آدم بغضب:
_هو أنت هتنقطني يا أسر، ماتخلص وتقول في أي؟
لم يتلقي رد مره ثانيه، ليحاول النزول من أعلي الفراش  بغضب وهو يقول :
_انا هروح اطمن بنفسي.
_هتروح فين بس، هو مش هنا في المستشفي أعقل بقي وأقعد.
هتف بها أسر بضيق وهو يجلسه ثانية، لم يعافر آدم معه كثيراً، فهو ليس به مجهود يكفي للمعافره، أخذ نفس ببطئ ثم زفره ليتسائل ثانيه بهدوء قدر المستطاع :
_أسر، في حاجة مش مفهومه، تقدر تفهمني أي هي! طريقتك مش تمام في أي؟
كاد يتحدث حين وجد الباب يُفتح وتدلف ليل إلي الداخل، ابتسمت بمجرد رؤيته مستيقظ، وهو الآخر نسي كل ضيقه منذ قليل بمجرد رؤيتها وابتسامتها تلك التي تشبها ابتسامه السحرا، ردت بمرح وهي تقترب منه:
_يا جدع حرام عليك نشفت دمى، وانا اللي قولت ده هيدفع حياته وهو بيدافع عني وكنت بدأت ارتب لكتاب حياتي الحزين الجاي، وقال أي وطي صوتك.
قالت الاخيره وهي تقلده بطريقه مضحكه، ابتسم آدم علي حديثها ورد بمرح مماثل موجهاً حديثه لأسر:
_أعمل أي يا أسر! واحد لسه واخد رصاصة ومفقاش من الصدمه، ودي عماله تصرخ جنب ودني صرعتني.
ضحك أسر وهو يردد بهدف إغاظتها:
_ده أنا اللي كنت بعيد ودني اتأثرت من الذبذبات، اومال أنت بقي اللي كل الذبذبات دخلت في ودنك.
_ههههه خفة منك له، أنا اللي غلطانه أني خوفت وقلبي اتشحتف عليك.
_اتشحتف!!
رددها آسر وآدم معاً باستغراب ل اللفظ، ومن ثم انطلقت ضحكاتهما معاً، لم تستطع منع نفسها من الابتسام، اقتربت من آدم تهتف بابتسامه:
_ها كويس دلوقتي؟
رد بهدوء :
_الحمد لله كويس... صمت قليلاً من ثم أعاد سؤاله لآسر بجديه بعيدة عن كل ما حدث منذ قليل:
_كلامنا لسه مخلصش و لسه مفهمتش.
مررت أنظارها بينهما بتساؤل لينطق أسر بكلمه واحده وهو ينظر لها، كلمه وصفت كل شئ :
_سيف.
أغمضت عيناها تتنهد بهدوء، فكيف ستخبره بالأمر، تذكرت حديث أسر معها أمام غرفة العمليات حينما أخبرها بكونه لن يستطيع إخباره بالأمر، فقرر وضع هذه المهمه فوق أكتاف ليل، استمعت لصوت أسر يقول :
_أنا هروح أخلص إجراءات الخروج.
قالها وانطلاق سريعاً هارباً من المواجهه، قال آدم بغضب يحاول كبته:
_هو أنتِ كمان هتتنهدي وتسكتِ؟
جلست أمامه تماماً فوق الفراش تمسك بيده بين كفي يدها الرقيقه، تملس عليهما بحنو، انتفض آدم للمساتها الغريبه والتي تبعث فيه مشاعر أغرب يجربها لأول مرة، ونبهه عقله لكون حدوث شئ ما لسيف فيبدو أنها تحاول تخفيف الأمر عليه، قطعت ليل اضطراباته بقولها الصريح المباشر الغير قابل للتجميل أو الملاوعه :
_سيف هو الخاين يا آدم.
شعرت بتجمد يده أسفل يدها، فبالتالي جميع جسده كذلك، رفعت أنظارها لتجد وجه متجمد يظهر عليه الصدمه الشديدة أو عدم سماع ما قالته، أخذت نفس مره آخري وتركت يده مخرجه هاتفها وفتحت صورة عمار مع سيف التي التقطتها ذلك اليوم الذي كانت فيه مع عمار، رآها آدم لتزداد صدمته، ويزداد عدم استيعابه هتف بتوهان وعيناه تمر علي الصوره بعشوائيه :
_لي، لي؟
حزنت لهذه الحالة التي لم تراه فيها من قبل، ردت محاولة تهوين الأمر :
_أكيد له أسبابه. يمكن مضطر.
_مضطر!
رددها باستنكار وهو ينظر لها، وأكمل بخفوت:
_ليل سيبيني شوية لوحدي.
كادت تعترض ولكن، رأت أنه بالفعل يحتاج هذا الأن وبشده، يحتاج إعادة الاتزان، يحتاج استيعاب الأمر، يحتاج أن يبقي مع نفسه وفقط.
خرجت من الغرفه وقفت مستنده علي الباب، تكره ما وصل إليه الأمر، حتي هي جاهله عن السبب الذي جعل سيف يفعل ذلك.
بالداخل، كانت تطوف كلمات ليل منذ قليل والمواقف التي كانت بينه وبين سيف  في رأسه في صوره متداخله، جمله يقابلها موقف، كيف فعل ذلك! ، كيف استطاع أن يغدر به وبهم جميعاً ؟ ولماذا؟ أهو حقاً مُجبر كما أزعنت ليل؟كيف وكونه ضابط كيف لأحد أن يجبره؟  أما أنه طمع منه أو بحثاً عن مصلحته؟ أهو لا يعرفه لهذه الدرجة؟ ، آه يشعر برأسه ينفجر من كثرة التساؤلات، قرر عدم ترك نفسه لهذه الدوامة، وقف ببطء حتي تخلص من هذا الدوار الذي صاحبه لحظه وقوفه، خرج من الغرفه، ليجد ليل تستند علي الحائط المجاور للباب، كادت تتحدث حتي جاء أسر وهتف باستغراب:
_أنت رايح فين يا آدم، أنا خدت أذن الخروج، بس عالاقل تفضل ساعه كمان عشان الدكتور يطمن اكتر علي حالاتك، وكمان تغير هدومك اللي كلها دم دي.
_سيف فين؟
سؤال وحيد نطق به آدم، ففهم أسر علي الفور ما الذي أخرجه بهذا الشكل، رد بجمود:
_في الجهاز عندنا، لحد ما يترحل بعد التحقيقات ما تخلص معاه هو واللي معاه.
سار آدم مبتعداً عن الغرفه في طريق الخروج بعد أن هتف بصلابه:
_لازم اتكلم معاه.
ردت ليل توقفه بحديثها:
_لي يا آدم! كلامك معاه هيفيد ب أي؟ غير أنه هيأذيك.
التفت يرد عليها باقتضاب:
_مفيش حاجة تقدر تأذيني، لازم اتكلم عشان عندي أسئلة لازم أخد إجابتها، وهو مدين  لي أنه يجاوب.
انتهي من حديثه وانطلق للخروج وتبعه أسر وليل بقلة حيله.
___________________
في غرفه زجاجية مغلقه، لا يوجد بها سوى طاولة ومقعدان من المعدن،لا يخرج الصوت الذي يحدث بالغرفة إلا عبر مكبرات صوتيه ومن بالداخل لايمكنه رؤية من بالخارج ،ولكن من بالخارج يرى كل شئ بوضوح، يوجد سيف الجالس أعلي إحدي المقاعد بيده أصفاد حديديه قُيدت ب الطاوله المعدنية،  ينظر أمامه بشرود، وذراعه مضمد محل تلك الطلقة التي تلقاها، يفكر فيما سيحدث لاحقاً، ها قد حانت لحظه النهايه يا سيف، دائماً ما كنت أشعر بأنه سيُفضح أمري قريباً، وها هو حدث ما كنت أشعر به واخشاه، وأكثر ماكنت أخشاه هو مواجهة رفقائي، فكيف سأبرر لهم! وهل سيقتنعون!؟ ومن تركتهم خلفي للعالم البشع دون حامٍ، لمن سيلجئون؟.
قطع تفكيره وشرود صوت الباب يُفتح، لينظر ليعرف هوية الزائر، لتلتقي عيناه بأعين آدم، وكأن الأعين تعرف وجهتها، دلف آدم للداخل بوجه واجم، جامد، خالي من المشاعر، ولكن من الداخل (حمم بركانيه مشتعله)، وسيف وجه خجل، محرج، يتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعه، استمع لصوت آدم الجامد رغم هذا ظهرت به نبره تألم :
_ قولي انه مش أنت، قولي أنهم غلطوا، وإن أنت كنت هناك علشان سبب تاني وحصل سوء تفاهم، قولي أنك مش ممكن تعمل كده، أن صاحبي اللي بقالي سنين معاه وأقرب حد ليا.... مش خاين.، قول أي حاجة وأنا هصدقك.
كان حديثه ينزل عليه ك السوت الذي يجلد جسده، فكم كان من الصعب ان يستمع من ادم خصوصًا هذه الكلمات وبهذه الطريقة المترجيه أكثر من كونها جامده، نطق بصعوبه ودموع بدأت تملأ عينيه و صوت منخفض حرج:
_ غصب عني، غصب عني والله يا صاحبي.
جز آدم على أسنانه وهو يهتف محاولا التحكم باعصابه:
_ أولاً ما تقوليش يا صاحبي...... ثم أبتسم بسخريه مكملا... ثانياً عيب لما تبقى ضابط وتقول إن كان غصب عنك أو في حاجه اتفرضت عليك.

وجوه خادعة (للقدر آراء أخرى ج٣)Where stories live. Discover now