الضحية الثانية " كاميليا "

7.7K 426 76
                                    

الحياة ليست عادلة، ولن تستطيع أن تأخذ منها كل شيء، ولكني أعتدت أن آخذ منها كل ما تطوله يدي حتى وإن لم أكن أريده.

______________________

أنا كاميليا، ولدت في أسرة بسيطة عادية، أب أحناه الزمن وأخذ منه أكثر بكثير مما أعطاه، وأم بائسة مريضة تنتظر الموت حتى تلقى النعيم المنتظر بالجنة.

كنت البنت الوحيدة لأخوين أحدهم يكبرني والآخر أصغر مني، وعلى الرغم من كوننا أسرة صغيرة لكن كان الفقر ينخر عظامنا، فنصف دخلنا تقريبا يُنفق على أدوية أمي التي تعاني من أمراض الكبد بالإضافة إلى مرض السكري، اضطررت من صغري القيام بدورها من تنظيف المنزل وتحضير الطعام بجانب مذاكرتي، تعبت كثيرا وصبرت أكثر على أمل أن تتغير حياتي يوما.

وفي يوم أزداد المرض عليها حتى فقدت وعيها تماما، ظننتها ماتت في بداية الأمر وأطلقت الصراخ والعويل حتى أتى الجيران للمنزل من كل صوب، ليخبرني أحدهم بأنها ما زالت حية ويجب الإسراع في نقلها إلى المشفى حالاً، ولم يكن معى أحد فأخي الكبير وأبى في عملهم، والأصغر في مدرسته.

فتكالب الجيران جميعا ليحملوها ويضعوها في سيارة أحدهم إلى المشفى، وطلب مني آخر أن أذهب إلى أبي في عمله وأخبره حتى يسرع ويحضر إلى المشفى، كنت لا أريد تركها وحدها لكن أذعنت في النهاية لضرورة وجود أبي في هذا النوقف ثم ذهبت مسرعة لأحضاره، وصلت بعد مدة زمنية بسيطة فلم يبعد مكان العمل كثيرا عن المنزل.

كان أبى يعمل ساعي أحد الشركات الكبرى للاخشاب، وصلت هناك وطلبت من فرد الأمن أن يناديه فأنا ابنته و أريده في أمرٍ ضروري، انتظرته أمام بوابة الشركة العملاقة حتى أتى مسرعًا يكسو وجهه إمارات القلق، أخبرته سريعًا بما حدث وذهبنا معا للمشفى، تم حجز والدتي ثلاثة أيام بعد إفاقتها من الغيبوبة ثم عادت إلى المنزل لتتماثل الشفاء بعد ان أنفقنا ما بقي من راتب أبى فى شراء بعض انواع الادوية الجديدة التى كتبها الاطباء حتى لا يتكرر الإغماء مرة اخرى.

بعد عدة أيام عاد أبى من عمله بعد يوم عمل شاق، كان مهموما أراه يحدث نفسه وعلي وجهه علامات الحيرة والانكسار، أحضرت له طعام الغداء وجلست بجانبه أهون عليه قليلا وأحاول أن أخرجه من هذه الحالة:

- مالك يا بابا؟ ايه اللي مزعلك اوي كدا .

صمت شاردًا للحظات قبل ان يلتفت لي ليرد متنهدًا:
- مفيش يا بنتى ..
توقف لبرهة ثم اردف بكسرة:
ـ بس كان نفسي الظروف تبقى أحسن من كدا ، كان نفسي اجبلك كل اللى نفسك فيه واعيشك العيشة اللى تستاهليها، انتى تستاهلى تعيشى ملكة يا كاميليا .

بسمة صغيرة عليت وجهي، ثم ربت على كتفه بحب وأنا أقول برضا:
- ومين قالك بقا إنى مش عايشة ملكة ومعنديش كل اللى نفسي فيه، انت فعلا مش مخلينى عايزة حاجة ابدا، وبعدين كفاية وجودك في حياتنا، ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك ابدا .

جنّة إبليس Where stories live. Discover now