الجزء الثاني (7) عاصفة

3K 300 187
                                    

دا كان أول قلم يا دكتور.. ومش الأخير.

أمير الزهار "
_______________________

وفي لمح البصر تبدّل حاله، وكأن دلو من الماء البارد قد سُكب فوق رأسه، نظر حوله في ذهول وصدمة وهو يشعر في داخله بأنه ما زال في المكتب، جميع الكلمات تعجز عن وصف شعوره وحالته، فقد تملكته حالة عاتية من الاضطراب اهتز على إثرها عالمه بالكامل دون أدنى مبالغة، ذلك العالم الذي كان يتيقن بأنه تحت سيطرته وسطوته هو فقط وفي حمايته، كان لا يفكر به أو بما فعله معه مطلقا أوحتى بأمواله الطائلة التي اصبحت في حوزته الآن، كل ما كان يسيطر عليه هو اختراقه لحِصنه واستباحته بكل هذه الأريحية والسهولة، مكتبه الذي كان يعتبره علامة الجودة التي تعبر عن شخصيته وجعل منه صورة حية تعكس مميزاته هو، متفرد لا يوجد له مثيل، تفاصيله جميعها تحبس الأنفاس ومن الصعوبة أن تمر به وتتخطى عظمته، واخرهم كان فولاذيته من بالغ الصعوبة أن تنال شرف دخوله بأذن صاحبه ومن المستحيل أن تدخله دون أن يسمح، شعر هشام في هذه اللحظة بانهيار كل ذلك وليس اهتزازه فقط، بل انهياره بكل ما تحمله الكلمة من معنى فهو يرى الأشياء من هذا المنظور دائما، مجرد خدش بسيط يعتبره شرخ لا يُقبل ولا يعالج،أما في هذه الحالة لم يكن الأمر مجرد خدشا، بل كان بالنسبة له بداية السقوط.

ظل على هذه الحالة لدقائق، يحاول التفكير، جمع الخيوط، استنتاج كيف عبر هذه الأبواب ليضع ورقته، وترى أي باب من الأبواب الثلاثة قد خانه وغدر به وسمح بدخول هذا الدخيل الذي دنس محرابه، ولكن هل له أن يأتي بنفسه إلى هنا، هل يملك الشجاعة والجراةلهذا الحد، أم استخدم من يقوم بهذه المهمة المستحيلة، أخذ يفكر مَن مِن الجميع يجرؤ على فعلها، الجميع هنا دون استثناء لديهم استعداد للخيانة والغدر بكل بساطة ولكن من يجرؤ هذه هي المسألة؟ لا أحد يجرؤ.. لا أحد حرفيا، هذه ليست مجرد إجابة بل هي حقيقة حية تتنفس، ولكنه عجز عن وجود تفسيرات أخرى

يعلم نفسه جيدا أكثر من أي شخص، فهو في هذه الحالة لن يفكر في أي شيء بشكل صحيح، فكان ذلك أكثر عيوبه التي تؤثر عليه لذا كان يحاول طوال الوقت البحث وراء الأشياء ومعرفة وكشف كل شيء مهما كان تافها، حتى لا يُفاجئ، فالمفاجآت هي أخطر شيء يمكنه مواجهته، فهذه من أقوى نقاط ضعفه وأكثرهم تهديدا له..
ولسوء حظه كان أمير يعلم ذلك ايضا،،،

ظل على هذه الحالة لوقت ليس بقصير، حتى بدأ يتحرر من جموده والتقط هاتفه وطلب رقم هادي ولم يطل انتظاره كثيرا للرد، فجائه صوت هادي سريعا وهو يرد بنشاط، تحدث هو بنبرة قاتمة وهو يقول بأقتضاب :
- تعالى حالا...
اضطرب هادي في لحظتها، فهذه النبرة لا تنبئ إلا بكارثة محققة، لذا لم يتأخر كثيرا لحظات قليلة وكان أمامه يظهر القلق والتوتر على محياه، وكما توقع يوجد خطب عظيم لدي صديقه، استنتج ذلك فقط من عينيه، فكان يتفحصه بطريقة توحي بأنه على حافة اختبار في غاية الصعوبة يشعر بأنه سيرسب فيه لا محالة، حاول التماسك حتى لا يحقق هذا الرسوب قبل حتى البدء، وقال في تساؤل:
- فيه إيه؟! حاجة حصلت؟

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن