الجزء الثاني (28) تردد

3.3K 276 132
                                    

فمن بعد العودة إلى سكنْي، أعدك من الآن يا زهرة نرجسيتي.. لن يؤلمك مني سوى عِناقي، ولن تري القسوة إلا في ضمّتي، حين تعجزي عن التفريق بين نبضاتنا و تداخل عُطّورنا، حينها فقط يصبح الانفصال دربًا من الخيال.

_________________________

صلوا عليه وسلمّوا تسليما ❤️

__________________________________

تجمد جسده حين وقعت عيناه عليها، وجدها جالسة بين الحضور في الصف الأخير تتابع المرافعة بينما يظهر شبح ابتسامة رقيق على وجهها.
ازدرد لعابة وتوقف عن الكلام وتوقف الزمن به في نفس اللحظة، لينتفض قلبه على إثر شدة خفقانه، ويلح عليه سؤال واحد فقط ود لو يسأله للجميع حتى يجد إجابة ترضيه، هل هي حقيقية أم عادت له هلاوسه بسبب التوقف عن الدواء اللعين..

قرر اختبار الأمر بنفسه كما أعتاد، أغمض عينيه بشدة لثواني وهو يدعو الله أن تبقى ولا تتلاشى كما يحدث معه مؤخرا.
فتح عينيه من جديد ليجدها تضحك على فعله الذي فهمته على الفور..
أتسعت عيناه في سعادة وابتسم قلبه لضحكتها التي اشتاق لها وافتقدها أكثر من أي شيء، ود أن يترك المرافعة الآن ليذهب لاحتضانها، فلن يتركها تبتعد لحظة واحدة بعد أن يحصل عليها سيقبض عليها هذه المرة بيد من حديد.
فليحترق موكله والجلسة والقاضي شخصيا فليحترق الجميع في هذه القاعة، يريد فقط أن ينهي ذلك العبث فورا ويذهب لها..

وقبل أن يسير خلف جنونه واشتياقه ولوعته، اقتلعه من أفكاره العابثة هتاف القاضي متزمرا من صمته المفاجئ واعطاءه ظهره كل هذه المدة:
-إيه يا دكتور!!!

ألتفت له متخبطا بدون أي انتباه أو تركيز، ثم ألتفت لها مرة أخرى التفاتة سريعة بحركة غير إرادية وكأنه لا يتحكم في نفسه كي يتأكد بأنها ما زالت موجودة، وعاد للقاضي من جديد ليقول بنبرة بها بعض التيه:
- أنا آسف.. بس.... حسيت كدا أن فيه ريحة حلوة ملت المحكمة فاجأة.

- افندم!!!
قالها القاضي بغلظة..
فيبدو عليه أنه فقد صوابه في أكثر الأوقات حساسية..
ازدرد لعابه وقد تاهت الكلمات منه لا يتذكر مطلقا أين توقف حديثه، وعن ماذا كان يتحدث من الأساس قبل أن يراها، فقرر الاعتذار أولا على إجابته الحمقاء على القاضي..

-آسف سيادة الريس.. لنعد إذا..

-ياريت سريعا عشان وقت المحكمة..

وعلى الرغم من غلظة القاضي وحدة نبرته، ألا إنه رد عليها بابتسامة واسعة مستفزة استمرت للحظات كادت أن تدفع القاضي لزجره مرة أخرى، لكنه نظر إلى أوراقه في عجالة وكأنه يراعي وقت المحكمة بالفعل و لا أحد يعلم إنه يود أن يتطرق إلى خاتمة مرافعته في اسرع وقت حتى ينتهي من الأمر..

جنّة إبليس Donde viven las historias. Descúbrelo ahora