الجزء التاني (31) طعنْة

3.1K 290 230
                                    

تصرخ بجنون ولوعة، يحاول السيطرة عليها ومنعها من التقدم نحو الجثمان، فقد انقسم قلبه هو نفسه لرؤيتها مضجرة في دمائها، فكيف لابنتها الطفلة التي لم تتعد الاثنتي عشر عامًا، لكن موجة هياجها وصراخاتها كانت عاتية، وفي غضون ثوانٍ معدودات اقتحم معظم الجيران الشقة ليبقوا في صدمتهم للحظات قليلة ثم التفوا حول المجرم الذي صرخت الصبية بقتله لأمها، ارتجفت النساء ووقفت الرجال له بالمرصاد حتى لا يهرب، لكنه لم يهتم بكل ذلك الشيء الوحيد الذي كان يفكر به هو ابنته وكيف ستعيش بعد هذا المشهد وكيف ستتعامل معه، هذا إن نجا من هذا الشِرك من الأساس، فقد فعل المستحيل من قبل حتى يمنع زين عن رؤية أمه في المشرحة ورؤية وجهها الذي تحطم بعد الحادث، حتى لا تبقى في ذاكرته تعتصره وتوجع قلبه حتى يوم مماته، هدأ قليلا حين وجد الفتاة ترتمي بين ذراعي أحد الجارات والتي كانت تبكي بدورها، فتأكد من علاقة هذه المرأة الوثيقة بالعائلة الصغيرة التي تفتت لتوها..

أخذت المرأة تهدئ من روعها وتمسح على خصلاتها وهي تهدهدها، وحين اطمأن قليلا أخذ أحد المقاعد القريبة ليريح جسده ولتستريح أعصابه قبل هجوم الشرطة بعد قليل، اعترض أحد الواقفين على تصرفه وطلب منه عدم الجلوس بهذه الطريقة المستفزة، فهو لن يقتل المرأة بدم بارد ثم يجلس على أحد المقاعد في شقتها يستريح من قتلها، لكنه حدجه بنظرة قاتمة، وآخر طلب من الرجل المعترض أن يتركه وشأنه ناصحا إياه بإنه مجرم عتيد الإجرام، ولم يلبث أن انتهى من جريمة قتل فلن يتوان عن ارتكاب أخرى، فامتثل الرجل بالفعل وابتعد عن هشام الذي انعزل عن الجميع واضعا رأسه بين راحتيه يصارع تصدعا فيه وألما لا يحتمل.

دقائق أخرى حتى وصل ضباط من القسم التابع له المنطقة تبعتهم الشرطة الجنائية وفريق من الطب الشرعي لمعاينة مسرح الجريمة ورفع البصمات ومعاينة حالة الجثة.. وظل الأمر لساعات.

وبعد الإجراءات المعتادة تم نقل القتيلة لتخضع للتشريح، وتم القبض على المتهم هشام منصور وانتقل مع الشرطة إلى القسم حتى العرض على النيابة..
تقدم أمامه أحد الضباط ودخل مكتبه، ليدخل خلفه هشام رفقة أحد الأمناء..

ـ فُك الكلبش عن الدكتور يا ابني..
امتثل الأمين توا، وقام بحلّ أساور الشرطة التي لم يتخيل للحظة بأنها ستوضع بيده في يوم الأيام..

ـ اتفضل يا دكتور.
تقدم هشام بتعب واضح و أخذ أحد المقاعد أمام الضابط وجلس مستقيما ظهره على الرغم من شدة اعياءه وارهاقه..

ـ متأخذنيش يا دكتور ما أنت عارف الاجراءات ومعاليك ممسوك متلبس..
كانت نبرة الضابط لا تخلو من تهكم طفيف تجاهله هشام ولم يعقب.

وحين وجد منه ذلك أخرج علبة سجائره، ثم عرضها أمامه قائلا بود:
ـ تدخن يا دكتور؟؟

نظر هشام للعلبة من يد الرجل ببعض التقزز والاشمئزاز، ثم قال مشيحا بنظره:
ـ ما بشربش النوع دا.

جنّة إبليس Where stories live. Discover now