امتلاك

3.3K 360 92
                                    

" جميلة "

أشعر بالغضب والسخط تجاه هشام فى ذلك الوقت بسبب ما فعله مع عائلته ،وأصبحت أشعر بعدم الأمان، ولمست قسوته الحقيقة و جحوده ، لم أعتد أن أرى كل هذه القسوة ، وشعرت بالإشفاق كثيراً على أمه وأدركت معاناتها ، فهل سؤاجه معه نفس المصير فيما بعد ؟!!

أنا أعلم ما أحتاج إليه جيداً ، فمنذ أن مات أبى وأنا أبحث فقط عن الأمان والحنان ، بالإضافة إلى الحماية والقوة ويمتلك هشام منها الكثير ، ولكن ماذا عن الأمان ، لا أعلم لماذا تذكرت هادي فى هذه اللحظة وتذكرت طفولة قلبه و براءته ولكن ما يمتلكه هادى واحتاج إليه لا يمتلكه هشام ،وما يمتلكه هشام واحتاج إليه أيضاً لا يمتلكه هادي ،
فأي جزء أستطيع التخلي عنه ؟!

وبينما أنا فى دوامة حيرتى و قلقي أبلغتني الخادمة أنه ينتظرني في الحديقة بالأسفل ، لم أتوقع حضوره الآن على الإطلاق ، فمن المفترض أن يكون فى بيته حتى يبت مع أخته وأمه فى اول ليلة بعد فقدان رب أسرتهم ، لتعويضهم بعض الدفء والأمان .

نزلت له بعد قليل ، كان يجلس فى كآبة فى مكاننا المفضل عند شجرة الليمون ، توجهت إليه وأنا أشعر بالغضب و الحنق منه ، ولكنه رفع لي نظره في يأس ، فقلت له بأستنكار :

- أنت بتعمل ايه هنا يا هشام؟! هو أنت مش المفروض تكون مع مامتك واختك دلوقتى بعد اللي حصل..

زم شفتيه بعدم اكتراث ثم قال بنبرة مستخفة:
- اتخانقت معاها ومشيت .

تأجج غضبي من بروده وطريقته التي يتحدث بها وانعدام مسؤليته، فصحت باستنكار:

- يعنى إيه اتخانقت معاها؟!!! هو دا ظرف ينفع فيه تعمل كدا!

طالغني بنظرة جحيمة قبل ان يصرخ بدوره بغضب رهيب:
- جميــلة!! أنا مش ناقص .

لم أهتم لغضبه ولم اكترث لحالة هياجه، بل قلت باستهجان أكبر وأنا أخرج كل ما في قلبي وكل ما يشغل عقلى دفعة واحدة:
- أنا بجد مش مصدقة اللي أنت بتعمله مع أهلك دا!! انت أزاي كدة، وبعدين فرقت إيه انت عن أمير هو كان عايز يموت بابا وأنت موت باباك فعلا بس من القهرة والجحود.

فنهض من مكانه منتفضًا وصرخ بانفعال:
-هو أنتي بتقولي ايه!!!
أنتي تعرفي إيه عن حياتي أصلا عشان تقولي أني مفرقتش عن أخوكى .. أنا مفيش مقارنة بينى وبينه ولا فيه مقارنة بين أبوكى وابويا .

أزدرد لعابه ولهث قليلًا إثر انفعاله، وصدره يعلو ويهبط دون هوادة، حتى أردف بنبرة بائسة منكسرة:

- أنا لو كان عندى أب زي ابوكي كان زماني بقيت بنى آدم تاني خالص .

لم أتأثر كثيرًا، لذا سالت وانا أحمل بعض الحدة في نبرتي:
- طب ومامتك ذنبها ايه يا هشام؟! ذنبها إيه تكسرها النهاردة بالشكل دا وتعمل فيها كدا قدام الناس..

جنّة إبليس Donde viven las historias. Descúbrelo ahora