سقوط

3.3K 345 109
                                    

" كاميليا "

وظللت هكذا غارقة في هذه الحياة إلى حد الثمالة، حتى فقت على حقيقته القذرة والتي اتفاجأ بها كل مرة وكأنني لا أعلم عن الشيطان الذي بداخله شيئا. .

حتى وجدت رسالة صوتية على هاتفي من رقم مجهول وفتحتها لأجد صوت شريف ولكنه لم يكن صوته الحنون الذي عهدته منه سنوات طويلة، ولا هو أيضا صوته الغاضب المرتفع الذى سمعته أكثر في الفترة الأخيرة ، ولكنه كان صوتا ضعيفا متخاذلا وكأن صاحبه يعاني من إعياءٍ شديد ، وجاءني صوته يقول بنبرة مرتعشة وتقترب الى البكاء :

" انا مش عارف أنا بكلمك ليه دلوقتي ، وأنا متحرم عليا حتى أعيش في البلد اللي أنتي فيها ، بس أنا مبقتش خايف خلاص عشان حاسس إني هرتاح قريب ومحدش هيقدر يأذيني ، أنا كنت عايز أقولك بس إني حبيتك أوي وكنت مبسوط معاكي ودى الفترة الوحيدة اللي حسيت فيها إني نضيف وعندي بيت وعيلة اللي عشت عمري كله محروم منهم ، وعرفت بس طعمهم على إيدك ، أنا آسف على اللي عملته معاكي ومكنتش أحب أبدا أن دي تكون  آخر ذكرى بينا ، صدقيني أنا مش وحش اوي كدا ، كل الحكاية إني دخل في حياتي شيطان قلبها وبقى  بيحركني زى مهو عايز بتذكرة هيروين وخلاني بقيت واحد تاني أبشع حتى من اللي عشت طول عمرى اكرهه ، بس أنا عارف ان دا مش مبرر ، عايزك تسلميلي على چانا وتقوليلها أن بابا كان بيحبك أوي وتسامحيني وتدعيلي ، عشان محتاج دعوتك اوي دلوقتي ، أنا خدت المرادي جرعة أزيد من كل مرة وحاسس أن جسمي بيتلج وروحي بتتسحب مني ، وحاسس إني عايز أنام بس أنا متأكد أنه هيكون نوم طويل أوي ، أه بالمناسبة أنا عرفت مين هو أبو چانا ............ "

انتهى التسجيل بعدما امتلأت عيني بالدموع ، واخذت ابحث عن رسائل أخرى ، ولكنى لم أجد ، فاتصلت بالرقم المرسل منه الرسالة ، وجاءني صوت الجرس الرتيب وكان طويلا كالدهر ولكن لا إجابة ،وكررتها عدة مرات وأنا أصرخ وأبكي بلوعة ولكن لا رد ، سقط الهاتف من يدي ، ومازلت أشعر بالانهيار ، بالفعل في نهاية التسجيل كان يقترب صوت شريف من صوت الموتى أن كان لهم صوت ،  محتمل أنه مازال على قيد الحياة ولكنه بالتأكيد يحتاج إلى الإنقاذ ، فماذا أفعل ؟؟ لقد شهدت موته بالفعل وحيدا في بلد لا أعرفها ، وأنا المتسببة في كل ذلك ، فهذا المختل المريض قد دمر حياته بالكامل من أجل ماذا لا أفهم.

ظللت أبكي بطريقة هستيرية ، وودت أن اواجهه بكل أقذاره ، ولكني خشيت أن يكون شريف مازال على قيد الحياة فيقتله بالفعل هذه المرة ، ولكني عزمت على معرفة الحقيقة كاملة ومعرفة قصة شريف وما حدث معه .

وبعد فترة من البحث أتضح لي كل شيء ، ففي الفترة الأخيرة جاء شاب جديد للعمل في نفس الأعمال التي يقوم بها شريف ، وبحكم طبيعة العمل أصبح مقرب له ، بل وتوطدت العلاقة لتمتد إلى خارج العمل ، فأصبحا صديقين حميمين ، ولقد عرفه هذا الشاب على جميع أنواع المخدرات ففي البداية كانت مجرد سجائر محشوة ولكن بمرور الوقت قدم له ما هو اكثر من ذلك على هيئة حبوب لعلاج التوتر والقلق الذى كان يعاني منهم شريف طوال حياته ، وسار شريف وفق الخطة المدبرة من الشيطان بخطى ثابتة ، حتى وصل لمرحلة الإدمان دون ان يفهم ماذا يدمن ، ولكنها اللحظة التي اتضحت له كل الأمور واكتشف انها مخدرات وهي المرحلة التي أصبح فيها لهذه السموم ثمنا ، بل وثمنا باهظاً ، ولم يكن لراتبه المتواضع أن يكفي ثمن هذه السموم التي يزيد سعرها يوما بعد يوم .

جنّة إبليس Donde viven las historias. Descúbrelo ahora