من الماضى

3.1K 371 65
                                    

" جميلة "

أغمض عينى وأصُم أذنى حين تأتينى لمحة من الماضى تخبرنى بما يخبئه لى المستقبل .

يدق الهاتف فى إصرار ، وأنا جالسة أطالع مجلة للأزياء الحديثة ، وأرى الخادمة تسير نحوه فى خطوات سريعة لتخرسه ، ثم تأتى بعد لحظات لتخبرنى بأن سيدة تدعى أم هشام تريد التحدث إلى.

توقعت ما ستحدثنى عنه ، وتذكرنى بطلبها فى آخر مرة رأيتها بها فى المشفى ، لم أنسى ولم أتجاهل ، ولكن رد فعل هشام على هذا الطلب جعلنى لا أفكر فى تكرار الأمر مرة اخرى ، حقا لا أعلم تفاصيل ما يحدث بين أفراد هذه العائلة ولكن أعتقد أنه أمرا كبير .

قمت لأرد عليها فى الحال ، فهى الآن تعتبر حماتى المستقبلية حتى ولو كنت لا أعلم أى شىء عن حياتهم ، فتحدثت إليها بود ورحبت بها ولكن جاءنى صوتها وكأنه مختنق بالبكاء سألتها فى اهتمام :

- مالك يا طنط حضرتك كويسة ؟!

- اه الحمدلله كويسة .
قالتها وترددت قليلاً قبل أن تكمل :

- كنت عايزة اقابلك واتكلم معاكى شوية .

- اكيد طبعا فى أى وقت تحبيه .

- خلاص لو فاضية دلوقتى انزلى عدى عليا ونتقابل .

وافقت على الفور واخبرتنى بمكانها ، فقمت وارتديت ملابس رياضية بسيطة ،واخذت سيارتى وتوجهت إليها ، وجدتها تجلس عند إستراحة تابعة للحافلات الحكومية ،وعندما رأيتها اوقفت السيارة وتقدمت نحوها في تؤدة، كانت تجلس شاردة منكسرة فى ثيابها الفضفاضة الداكنة ، اقتربت منها حتى أصبحت في مقاباتها، فانتبهت لي ونهضت ألقيت التحية وصافحتها بود، وتمتمت ببعض عبارت الترحيب، ثم أخذتها الى السيارة وانطلقت إلى مكان هادئ للنتحدث .

جلسنا في كافيه قريب، وبدأت الحديث متسائلة:
- طمنينى عليكى يا طنط حضرتك كويسة ؟!

قالت بحزن:
- أيوة كويسة متقلقيش .. بس أبو هشام هو اللى تعبان أوى وحالته بتسوء كل يوم عن اليوم اللى قبله .. بقا بين الحيا والموت .

قلت لها في تأثر مواسية :
- ألف سلامة عليه .. ان شاء الله ربنا يشفيه ويرجع أحسن من الاول .

قالت بيأس :
- مفيش حاجة بترجع زى الاول يا بنتى .

- طب هو هشام عرف ؟!

قالت فى حسرة :
- هشام !! أنا لسة راجعة من عنده قولتله أن أبوك تعبان بيموت ونفسه يشوفك قبل ما ..... بس هو مرضيش يجى ابدا .

قلت فى استنكار :
- ازاى يعنى مرضيش ؟!!!!!

قالت فى محاولة لتجميل موقف ابنها الجاحد :
- اصله مش مصدقنى ..فاكرنى بضحك عليه عشان يروح ، مش مصدق أن ابوه بيموت فعلا .

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن