الجزء الثاني (3) مواجهة أخرى

3.3K 339 149
                                    



شعر بتحسن طفيف في حالته المزاجية بعد مقابلته مع صافي وقرار العودة من جديد للفرقة ، بعدما فقد الأمل وزهد في الأمر برمته ، وتذكر الفتاة القصيرة وعفويتها وجمالها الهاديء ، ولكنه تذكر أيضا اهتمام معتز بها ، ولهفتها هي عليه حين حدثت المشاجرة ،فربما أن يكون بينهما إعجاب متبادل ، زفر حينها بضيق وحاول نفض الأمر عن رأسه فيكون بينهما ما يكون، ما شأنه هو بهذا الأمر.

وفي هذه اللحظات سمع طرقات قوية بعض الشيء على باب غرفته ، توقع أن تكون حبيبة ، فلا أحد يطرق باب غرفته بعد موت أمه سواها ، انفتح الباب بعد أن انتهت الطرقات في عجالة ، فوجده أبيه في ملابس عمله المميزة ، يحمل في يده حقيبة ضخمة جدا ولها شكل مميز ، ولكن لم يندهش زين في كل هذا إلا من أمرٍ واحد فقط ، وهو طرق والده على الباب ، فهو دوما معتاد على دخوله الهمجي المفاجيء في أي وقت دون أى اعتبارات ، ولكن سرعان ما خطف اهتمامه شيءٌ آخر ، وهو الحقيبة المميزة لشكل آلته الموسيقية المفضلة .

تقدم إليه هشام في هدوء ، و ابتسم حين اقترب منه وهو يناوله ما تحمله يده ، التقطه زين في لهفة امتزجت بفرحة واضحة وكأنه أخيرا عثر على صديق حميم يبحث عنه منذ زمن ، أخذ الحقيبة ووضعها فوق مكتب متوسط الحجم يقبع فوقه عدد ضخم من كتبه المدرسية بعد أن ازاحهم جميعا ليسقطوا أرضا بجوار المكتب ، وسط نظرات أبيه المستنكرة التي تحولت بعد هذا الفعل تحديدا ، فتح زين الحقيبة أخيرا ليجد بها آلة تشيللو سوداء اللون ولامعة بشكل مثير ، كانت مميزة في كل شيء ، ولا تشبه أي شيء رآه من قبل ، ويزينها من الخلف والمقدمة حروف اسمه التي حفرت باللغة العربية وكُتبت بشكل موسيقي باللون الذهبي ، لم يستطع كبح مشاعره ونظرات فرحته أمام كل هذه التفاصيل التي كان يكتشفها كلما أمعن النظر أكثر وأكثر ،حتى الحقيبة نفسها مميزة وقيمة جدا ،انتهى من فحصها ونظر لأبيه نظرة ممتنة وهو يمسك بالقوس الضخم ،ثم قال بفرحة واضحة :

- حلوة أوي .

- على فكرة دي بتتعمل مخصوص من أكتر من شهر ، كل حاجة فيها اتعملت لزين وبس .

أتسعت ابتسامة زين أكثر ، ولكن استطرد هشام قائلا بطريقته المعهودة :
- بس بعد حركة الكتب اللي اترمت على الأرض دي المفروض اكسّرها على دماغك .

ضحك هذه المرة وقال بتهكم :
- مانا عارف والله ان آخرها هتتكسر زي اللي قبلها .

رد هشام بأصرار :
- اه هتتكسر لو فضلت زي مانت كدا .

تراجع زين قليلا عن تفائله ، و زم زين شفتيه بعدم مبالاة وقال :
- على فكرة أنا ولا ليا نفس اعزف ولا ليا نفس أذاكر .. حاسس اني مش عايز أعمل أي حاجة أصلا .

وضع هشام يده على الآلة ثم قال بخبث :
- يعني اخدها ؟!!

فرد زين بفزع :
- لا طبعا سيبها ...
ثم تدارك رد فعله ، وأردف بنبرة اكثر تعقلا :
-يمكن تفتح نفسي على أي حاجة .

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن