الأفعى

3.7K 342 25
                                    


"هادى "

خرجت من فيلا الزهار بصدر ضيق وكرامة مهدرة، لما فعلت كل هذا؟ هل يستحق الأمر كل هذا الغضب؟! لم أفعل لها أي شيء، كل ما قدمته كان جميلاً وساحراً، فعلت من أجلها كل شيء، حتى مستقبلي بنيته على أساس وجودها في حياتي، وحياتي كلها كانت رهن إشارتها، هل أخطأت في أسلوب المعاملة أم خطأي كان في اختياري لها من البداية.
لقد بخلت عليّ حتى بالتفسير، لقد جئت حتى أفهم، لا أستحق أبدا أن تهدر كرامتي أمام أبيها وتلميذه بعد كل ما فعلته لأجلها.
سمعت صوته أثناء مغادرتي، وكنت لا أطيق رؤيته بعد ما حدث، ولكنه جاءني بوجه متعاطف حزين، وبنبرة صوته الرخيمة قال يضع يده على كتفي:
- متزعلش نفسك يا هادي... صدقني هي متستاهلكش، الواحدة اللي تسيب واحد يحبها عشان ظروفه تغيرت تبقى عمرها محبته ولا تستأهله.
على الرغم من أن كلماته راقت لي وَبَرَدْت نار قلبي قليلاً، حيث رأى أن موقفها هذا ينتقص منها هي وليس مني، ولكني كنت لا أطيق أن أسمع أي شيء من أي شخص، تركته واتجهت لسيارتي حتى اخرج من هذا المكان بأسرع ما يمكن.
ذهبت إلى منزلي حيث الفراغ والا أحد، كنت بمفردي، وكل شيء أمامي باللون الأسود، ظللت يومين لا أتحدث إلى أحد ولا أرد على هاتف منزلي ولا أخرج أبدا لأي سبب، الأموال التي تركها لي والذي قاربت على الانتهاء، كما أنى لا اعلم وضعه المادي حاليا وهو خارج البلاد، فكرت كثيراً أن أسافر له، فلم يعد لي ما كان يبقيني هنا، ولكني لا أستطيع أن أتخذ هذا القرار، قلبي كان يعتصر وأشعر أن حكايتي لم تنتهي في مصر.
انقطعت علاقتي تقريبا بأمير، لم يكن بيننا شيئاً مشتركا سوى جميلة وصداقة قديمة انتهى كلاهما، بعد فترة وجيزة علمت بوفاة أبي كأن هذا ما كان ينقصني، توفي أبي غريباً في بلد غريبة بعد أن ضاعت أمواله وفشل في استعادتها، أما أنا فأعيش غريباً في بلد غريبة دون أي أموال أو صُحبة أو حب، فكرت كثيراً في الانتحار، فحياتي الآن لم يعد لها معنى أو هدف، ولكن حال بيني وبين ذلك صديقي هشام...
تفاجأت بزيارته لي وأنا في شقتي الخاصة التي يحفظ عنوانها عن ظهر قلب، والتي قررت بيعها للاستفادة من ثمنها بعد إفلاسي تماماً، دعوته للدخول متسائلاً بيني وبين نفسي عن أي مصلحة ألقته عَلَى في هذا الوقت فأنا لا أملك أي شيء لأقدمه له.

جلس على اقرب مقعد من الباب وجلست امامه ثم قال بأسي شعرت انه مصطنعا نوعا ما :

- البقاء لله يا هادى .. انا اول معرفت ان والدك اتوفى قلت لازم اعزيك واقف جمبك فى المحنة دى .. انت ياما وقفت جمبى .

صمت لثوانى لا اعلم كيف يعرف اخبارى ، ثم قلت له :
- متشكر يا هشام .. بس انت عرفت ازاى ؟!

- عرفت بالصدفة من استاذ رفعت .
قلت باستنكار :
- يعنى هو كمان عرف ومكلفش نفسه يعزينى حتى بالتليفون .
- مهو انت برضه معملتش عزاء يا هادى .. مكنش يصح .. والدك اكيد كان حبايبه وصحابه كتير .

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن