جنّة إبليس

حبيب غائب

" كاميليا "

كل شىء حدث كالبرق ، لحظات خاطفة وانتهى كل شىء ، وتتوالى الخيبات على رأسى ، حتى الندم لم يعد يشفع لى خطيئتى ، فأنا من تقدم فى البداية دون أى وعود أو خطط مستقبلية ، و سلمت له وأصبحت ملكه ، فالخطأ ليس خطأه إطلاقا .

له كل الحق بعد ذلك أن يخيرنى أما أن أستمر فى مكانتى كعشيقة مضمونة أو أُطرد من جنته حتى لا أسبب له أى إزعاج ، احتقر نفسي بشدة على ما وصلت إليه بسببه ، واحتقر تمسكى به حتى الآن وعدم لفظه من قلبى وعقلى بكل ما أوتيت من قوة ، استمرارى فى ضعفى وتخاذلى يقتلنى .

تزوجها بالفعل ومازالت منبوذة بالنسبة له ، ويا لسخرية الأقدار التى جعلته هو الذى يبتعد وينبذ ، وأنا من يحترق شوقاً ، كل ما هو يشغل تفكيرى هل يحبها حقاً ، أم هى بالنسبة له صفقة وسيتخلص منها بعد حصوله على ما يريد ،وهل سيبقى على وعده معى حين يتخلص منها ، أم مازلت معلقة على هذه الحبال الذائبة .

أيام طويلة مملة وأنا فى انتظاره حتى أتى ، بعد شهر بالتمام و الكمال بعد انقضاء شهر العسل ، كنت أجلس فى مكتبى منشغلة بعض الشىء وكان باب المكتب مفتوحا، وبينما أرتب بعض الأوراق ، لم أشعر بأى شىء سوى رائحة عطرية قوية جدا وفاخرة ، اقتلعتنى من تركيزى ، أسكرتنى للحظات قبل أن أرفع وجهى لأراه واقفاً أمامى..

كان مظهره العام مختلفاً كثيراً ، فقد كان حليق الذقن بعد أن كان يتركها نامية بطريقة عشوائية وأيضاً شعره أصبح أقصر ومرتب ومصفف بطريقة جديدة تليق جدا على وجهه وتجعله أكثر وقاراً وأكبر سناً ، ويظهر بحِلّة مهندمة باهظة الثمن ، أما عن جاذبيته فكانت فى هذه اللحظة تفوق جاذبية ذلك الممثل الشهير الصاعد ليوناردو دي كابريو الذى أعشقه..

لذا تسّمرت فى مكانى للحظات قبل أن أفيق على صوته يقول بلطف :
- صباح الخير يا كاميليا ..

فقلت بصوت مُغيب :
- صباح النور .

- أخبارك إيه ؟!

- تمام الحمد لله ..

- ماشى يا كاميليا أنا فى المكتب ياريت تجبيلى قهوتى وتيجى .

اومأت رأسى بالموافقة دون أن اتفوه بحرف ، فأرسل لى إبتسامة لطيفة وتوجه إلى المكتب ، ولكن حرفياً بقيت رائحته تداعب انفى فى المكتب الى آخر اليوم .

أحضر الساعى قهوته المضبوطة ودخلت معه إلى المكتب الذى لم أدخله إطلاقا منذ أن اغلقه قبل سفره مباشرة وعلى الرغم من أننى رأيته على وضعه الجديد من قبل ولكنى تفاجأت مرة أخرى من التجديدات التى أقامها فيه ، فصرت أشعر أنه مكتب أخر وليس مكتب الزهار الذى لم يدخله أحد فى هذا المكتب كما دخلته أنا.