انتقام

3.1K 356 80
                                    

" هادي "

استدارت حين أدركت صاحبة الصوت الناعم ، ليكون في مقابل نظري مشهد لن انساه طوال حياتي بعدما مزق قلبي و أتلف خلايا عقلي ، كانت حلا !!!!

تقف عارية وفقط يلتف جسدها داخل منشفة كبيرة ،وتمسك بأخرى صغيرة لتجفف شعرها المبتل، اتسعت عيناها في صدمة و ألجمها الموقف فأضحت كتمثال من القرون الوسطى ، ولكنها استفاقت بعد لحظات لتضع المنشفة الصغيرة على أكتافها والجزء المكشوف من صدرها في خجل وهي تنظر أرضاً.

فابتسمت ابتسامة جانبية مريرة يكسوها إمارات الصدمة والذهول ، وفي حركة لا إرادية استادرت له مرة أخرى ورأيت على وجهه شبح ابتسامة متشفية ونظرات حادة شامتة ، اخترقت روحي فأقسم بأنني لم يؤلمنى في هذا المشهد الوضيع كله أكثر من نظرته تلك ، فها هي المرة الثانية ومرارة المرة الثانية أقسى وأشد ، فبالإضافة إلى جرحها ، فهي أيضا تؤكد على الجرح القديم .

لا أجد ما أقول ولا أجد أيضا من الأفعال ما أستطيع فعله الآن ، كنت أريد فقط أن اختفي ، اتلاشى من هذه الغرفة ، ولم أتحمل أكثر من ذلك ، فشرعت في الخروج ،وجفلت حلا متوقعة أنني أتوجه إليها ولكنني ممرت بجانبها وأنا أجر خلفي ذيول الخيبة وانعدام الثقة بالنفس لأجلٍ غير مسمي .

وما إن خرجت من الباب حتى وصلني صوته يقول بخشونة :
- روحي البسي هدومك ، وماشوفش وشك تاني يا .........................

خرجت من الفندق بأكمله ولا أعلم كيف ، دخلت سيارتي حتى اختفي بداخلها ، وكأنني أنا من قام بهذا الإثم القذر وأريد التخفي من العار الذي يلاحقني ، جززت على أسناني في غيظ وحنق وكادوا ان يتكسروا جميعا ، ثم أخذت أضرب في مقود السيارة بدون وعي ، يدي تؤلمني بشدة ولكن هناك شيء أخر يؤلمني بشدة أكبر ولكني لا أستطيع تحديده ، أشعر بصداع قوي يجتاح رأسي في علامة قوية على إرتفاع ضغط الدم لدرجة عالية ، بالفعل وأشعر بأن الهواء يقل من حولي .

وأنا في هذه الحالة انتبهت بجانبي فوجدت السور المعتاد ومن وراءه النيل يفصل بيني وبينه بضعة أمتار ، بضعة أمتار فقط وارتاح وانتهي من كل هذه الضوضاء التي تكاد تعصف برأسي المسكين ، بضعة أمتار وتنتهي هذه الحياة العبثية المقيتة التي لم أحقق بها أي شيء يذكر .

فتحت باب السيارة في حركة من اعتزم أمره بالفعل ، ولكني شعرت برجفة في قدمي التي احركها للموت ، فأنا أخاف من الموت الآن ،اخاف منه أكثر من أي وقت مضى ، لا أستعد للمجهول من بعده ، أرى اخطائي وخطيئاتي وظلمي يتراقصون أمامي في تشفي وانتصار ، كما ينتصرون عليّ كثيرا ، حين عدت مرة أخرى وأغلقت باب السيارة ، كدت أن أبكي ، ولكن دموعي متحجرة ، مازال ألم رأسي يزداد والرؤية تهتز بفعل الضغط المرتفع ، ولكني أصبحت أشعر بالاختناق أكثر وأكثر في هذا المكان ، فأدرت سيارتي وانطلقت أشق الغبار في عنف .

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن