دَينٌ قديم

3.5K 191 37
                                    

"زين"


دخلت الغرفة بتلقائية لاجد آلة التشيللو الشخصية الخاصة بي مهشمة تماما ، هي وكل آلات الوترية الصغيرة الأخرى التي كنت أحب العزف بها والتدرب عليها حيث كانت تزيد من خبرتي وتقوي احساسي بالأوتار ، نظرت للغرفة التي أصبحت أكثر فوضى وكآبة بغضب رهيب ، وقفت مشدوها لعدة لحظات ، ثم وبدون وعي كورت قبضتي لاضرب بها اقرب حائط أمامي ، بالطبع مراهق صغير مثلي في هذا الموقف يجلس يبكي ، أو يغضب ويعلن تمرده ، أو يضرب عن الطعام والكلام مع العائلة حتى يعلن عن استنكاره وغضبه مما حدث ،ولكن أنا امتلك ردود أفعال أخرى وهي حقاً جديرة بأن تكون ردود أفعال ابن هشام منصور .

أغلقت غرفتي في عنف وتوجهت إلى غرفته والتي كانت غرفة منفصلة عن غرفة أمي ، وفتحت بابها بعنف أكبر ، ولكني تفاجأت به يجلس أمامي ويقبع أمامه حاسوبه اللوحي وزجاجته المفضلة ، وقال بنبرة ثابتة بطيئة :

- مش تخبط قبل متدخل يا حيوان !

فقلت من بين أسناني في غيظ وحنق :
- كنت فاكرك مش هنا .

فقال بتساؤل:
- ولما أنا مش هنا إيه اللي كان مدخلك اوضتي ؟؟

فلم أجب ولكني أنظر له نظرات نارية مشتعلة فقط ،فأجاب هو على سؤاله قائلا :
- كنت جاي تاخد حقك مش كدا ؟!

بالفعل كنت سأفعل بغرفته بالمثل وكنت سأهشم و أخرب كل الأشياء التي يحبها ،بنفس الغلّ ثم أغلق الغرفة بهدوء واعود إلى غرفتي حتى أجمع حطام آلاتي العزيزة ولكن حينها سأفعل ذلك بنفس راضية .

أردف قائلا :
- مانا حافظ الدماغ الو.......... دي كويس.

قالها ثم نهض من مكانه وتوجه لي :
- أنا مش عايز اضايقك ولا هو مزاج عندي إني اعكنن عليك... انا سيبتك كتير أوي بتعمل كل اللي أنت عايزه ومش بحاسبك وكنت مديلك حريتك كاملة ، بس انت مأحسنتش استخدام الحرية دي ، بقيت ترهق نفسك في التدريبات وتسهر وتروح وتيجي ومش مشكلة بقا صحتك ولا مزاكرتك ولا أي حاجة ، عشان كدا كان لازم يبقى فيه كنترول ، ومدام أنت مبتسمعش الكلام من نفسك يبقى تسمعه غصب عنك ، أنا مش لسة هقعد ادادي فيك عشان المفروض أن اللي في دماغك دا مخ مش فردة جذمة .

ثم أكمل وقد أرتفع صوته أكثر:
- وبما أن اللي في دماغك فردة جزمة فعلا ،يبقى مكنش هينفع معاك غير الطريقة دي .

- وأنا مش مسامحك مهما كانت نيتك.

فجلس إلى مقعده مرة أخرى وهو يقول بعدم مبالاة :
- طظ فيك .

نظرت له نظرة شرسة ثم غادرت الغرفة في حنق ، وعدت مرة أخرى لغرفتي ، أريد أن أبكي ولكني لا أستطيع ، أخذت أنظر للفوضى التي عمت الغرفة ونالت من كل شيء أحبه ، غفوت قليلاً وأنا أجلس على مقعد كبير يشبه الشيزلونج أنظر للغرفة في تحسر ، واستيقظت على صوت هاتفي بموسيقى تشيللو حزينة وهي تلائم حالتي كثيرا لو أنني أمتلك واحدة الآن كنت سأعزف نفس اللحن ، نفضت عن رأسي هذه الفكرة التي تزيد من اكتئابي ، وقمت بالرد على الهاتف ، كانت صافي ، ووصلني صوتها الرقيق وهي تقول :

جنّة إبليس Where stories live. Discover now