الفصل الثامن عشر

15.5K 714 84
                                    

#الفصل_الثامن_عشر
#معشوقة_النجم
#سلسلة_للحبّ_شعائر_خاصة

أطياف الطفولة تتحرك أمامه تزيد من قسوة الموقف، يرى طيفه حينما كان طفلًا مشاغبًا ذو قصة شعر تجعل الغرة تنساب على جبينه ليقتطف القلوب، وبضحكة رنانة يتغنى صداها في الأرجاء يسمعه يقول:

-مش هتقدر تمسكني يا بحر.

حينما كان يهب صائحًا بضحكة يخفي خلفها عزيمة إمساكه، متناسيًا لقب الضابط الذي يكبل رقبته مع ولده الأول حتى وإن كان لم يضع بذرته هو أتيًا من دمه:

-ماشي يا نجم.

قالها ليُمسكه بمهارةٍ متسابق يتحدى براءة طفولية تجعله يخسر بقهقه طويلة ثُمَّ يعقد ذراعيه حول رقبته هامسًا:

-يا بحـر

وقتها كان يضم رقبته متأوهًا أمام سحر الخضروتين:

-يا نجم عيلة الراوي، وقت ما تغيب تعتم سمانا.

ومن وقتها كان يبدع ليظهر بريقه خاطفًا ومع الأيام يصل لمراهقته التي كان صداها عابثًا متخطيًا قواعد العائلة الأرستقراطية ويتهرب من العقاب بأجوبه عبثية مرحة ترغمه على الانصاع:

-لعلمك أنا مش هسكت على قلة أدبك كتير

قالها ليهدده وقتها أجابه بثقـة وهو يلوح
بيده متباهيًا:

-وأهون عليك

-آه

قالها ببرودٍ يتنافى مع قلبه المفعم بحب غريب يكنه لذلك العابث، فيرد عليه غامزًا بشقاوة:

-أبدًا حبيبك أنا يا طوفان، يكون في علمك أنا اللي يرميني بوردة ترميه أنتَ بسهم

رد عليه ساخرًا:

-مين الكداب اللي قالك كده؟! يمكن يربيك التربية اللي فشلت فيها أنا.

وضع يده على كتفه متخطيًا حاجز العُمر وأجاب بنفس ثقته:

-قلبي اللي قالي يا قلبي، ده أنا تربية يـم الراوي، حبيبك أنا يا بحـر.

تتمازج المواقف بمختلف أوقاتها وتتجمع أشباحه لتدخل جسد المسجي على الفراش لا حول له ولا قوة، عاري الجسد موصل بأجهزة طنينها كهواء مسوم يخنقه، وغلالة من الدموع أخفت الصورة لتحولها لأخرى مشوشة تمنعه عن روية وجهه المغطى بقناع الأوكسجين وأجفانه متهدلة على خضروتيه الشقيتين، أقترب بعجزٍ وبدى كمن تحول لكهل في السبعون، وبجانبه جثى على ركبتيه متمسك بكفه المستقر جانبًا وهمس لهُ بخفوتٍ:

-نجم.

ولأول مرة في حياته حينما يناديه يعجز عن الرد عليه، ملبيًا النداء بجواب محب
ينهيه بكلمة "حبيبي"، فرفع كفه يمسح على كتفه البارد يتابع همسه:

-أول مرة اناديك ومتقوليش نعم يا حبيبي، عاجبك كده؟!

اشتد الألم الرهيب في صدره، وتشنج حلقه بغصة قهر، عاجز عن الاطاحة بمرضه هذا:

معشوقة النجم - الجُزء الرابع Where stories live. Discover now