٧١

7.9K 163 82
                                    

" تعال للمكان الي التقيت بك فيه " رساله دواسّ المبهمه الي ارسلها للهيب ! بعد منتصف الليل وظلمته وبرودته .. لبس ثيابه وهو يطلع من تفكيره الي كان متعلق بغجريته ومشى بعجله لمقصد جده وهو في اعلى مراحل استغرابه وعدم فهمه ..
-
في الجانب الاخر عند جاسم ..
الى من احتضن جسده المكان الذي كان يستحقه ، الى من اصبح مجرم رسميًا ، الى من قيدت يداه وحاصر بين اربع جدران وعاش مع اشباهه .. وكان الدنيا تعلمه ان العمر مهما طال وانت بعزك مردك ترجع لارذل مكان ولمقامك ولمستحقك .. نام المساجين كلهم الا هو بقي مستيقظ يفكر بهدوء ، وسرعان ما تاذى من المخده فابعدها وهو يحاول ترتيبها واعاده تلبيسها ، حتى انتبه لورقه بداخل لباسها .. اخذها وهو يجلس ويفتحها بسكون وفضول من وجودها .. ليبدأ يقرأ تلك الرسالة المتروكه ..
" رسائل مهمله تحت وسائد سُرر السجون  ..
لِهيَب ، انا عود كبريت وحاوية بنزين.!
انا لِهيب اقدار وطلقات شاردة
انا بوابة جحيم ورأس افعى قاتلة
أنا مُنهك..
‏وأحس إن المسَـافة ركض ما أوصل
‏وأخاف الليل لو طوّل "بلا آميـن"
‏وأصلي خشيةً أذبل
‏أعدّ الوقت بين وبين
‏بلادي آه لو تدرين
‏تعبت أتغافل الشارع
‏وأصـوّت له، أنا أستاهل؟
‏وأدري إن الطريق يمُر متغافل
‏ولكن هدّني التخمِين
‏أنا التوبة، وأنا الغربة، وأنا التّوطين.
انا رجلاً اكل العمر من احلامه حتى اصبح
سراب يطارد البشر مثل اسطورة مسنين
ضايع بدرب الهلاك ماعمره عرف احلام
سرق من الليل سواده ومن البحر غدره
ومضى في عالم الظلام سارق قلوب قبل مايسرق اموال
تاه بعمر الزمان وضاع بدوامة ظلام
لين الله وصله لباب توبة لقى فيها شوق وغرام
بليله قمر منير وظلام يرتعش له الاجساد
وانعكس ظلك على باب سور وبان الهلاك
على محيط خصرها تجتمع العصور
والف الف كوكباً يدور
وانعكاس ظل قمر خمسة عشر
ورقصات مسارح الليل
وانين طفل يتيم
وبين اناملها رسمة خرائط رحلتي
ومضيت في درب اجهله
عاشق لقمر اه ما ابعده !
مذنب انا على كتفي الايسر
حكم وحاكم ومحكوم
كيف ؟ كيف ؟
نمت في جَوانحِي
‏بُذورُ الشوقِ أشجارا ؟
‏وجِبالُ الصمتِ
‏في عينيها
‏تنهارُ
‏ويَجتاحُ ..
‏حُصونَ الصمتِ إعصارُ
‏هو الحبُّ
‏وما اختَرنا
‏ومَنْ في الحبِّ يَختارُ؟ "

كيف اعادها وكررها مرارًا وتكرارًا حتى عرف وقتها انها من كتابات لهيب وقت كان مسجون هنا .. ونام على نفس سريره .. استشعر اللحظه والتساؤل الاخير ..
هو الحبُّ
‏وما اختَرنا
‏ومَنْ في الحبِّ يَختارُ؟
ثم انه الحب كانت بداية القصه ومجرى تغير جاسم بعد ان هوى حتى ارتوى من ينابيع الحب والعشق لتلك الفتاه الي ترك اهله وماله وبلده لاجلها، خانته وهي تنام بحضن صديق له لينقلب ذاك العاشق لمجرم هارب من العداله ، ثم ان الهوى لهُ اهله ولم يكن جاسم من اهله
فاما انا يرفعك غيم السماء واما يخسف بك الارض ..
-
" تعال للمكان الي التقيت بك فيه " رساله دواسّ المبهمه الي ارسلها للهيب ! بعد منتصف الليل وظلمته وبرودته .. لبس ثيابه وهو يطلع من تفكيره الي كان متعلق بغجريته ومشى بعجله لمقصد جده وهو في اعلى مراحل استغرابه وعدم فهمه ..
ومجرد ماوصل للمكان التفت لذاك الرجل الذي كسى الشيب عمره جالس على الكرسي الخشبي وبجانبه حراسه الذي حنوا جسدهم له لاعطاه الماء بعد نوبه سعاله ، وما ان رفع نظراته للهيب حتى هدأت انفاسه واستقر نبضه وانتهى سعاله وهو يهمس مشير للمكان الفارغ بجانبه : تعال يابوي ..
كيف ركز لهيب على كلمه " يابوي " الي هزأت كيان رجال بطوله وعرضه ، مشى بهدوء وهو يشوف تعبه الي وضح وبشّدة ، جلس بجانبه مقابل البحر .. حتى نطق دواسّ يحارب انفاسه للكلام : تذكر ايش طلبت مني بهالمكان ؟
وكان وقت التقى دواسّ بهند هنا وهمس له لهيب ذاك الهمس والي كان محتواه : " دور بهالعمر سبب اغفر لك فيه سواتك " ، كيف اشاره لهيب راسه بالايجاب حتى رفع جاسم صندوق خشبي بُني اللون يوضح عليه انه من زمن طويييييل و طوييل جداً ، وضعه بحضن لهيب وهو يتأمله حتى اردف : ماعطيتك لتغفر لي لا والي خالقك لكني كنت عارف انك بتجلس بجنبي يوم وعاهدت نفسي ان لا ياخذ الله امانته فيني حتى اعطيك ..
تأمله مطولًا حتى نطق بعدها : وصية هيثم ، بتلقاها داخلها وبتعرف وقتها ان اول من عرف انك حفيدي كان هو ولولا تدخل جاسم كان الحين انت تدري من اكثر من تسع سنوات .. وهذي امانه طلعت مني لك ..
كيف ارتعش جسده بصدمه من حديثه ..
كيف رفع نظراته دواسّ وهو يردف : كنت اتمنى اعطيه لك واخوك بجنبك بس تدري مايقوى قلبي على نظرات عتاب غيث يعلم الله انه اغلى من روحي علي ..
وقف وقتها وهو يرتكز على عصاه بتعب وجهد ربت على كتفه هامسًا : لكني اتصلت عليه دقايق ويكون عندك لسألك وقتها عن الي بحضنك قول له هذا ورث جدي ..
ومشى بعدها وهو يرفع يدينه لحراسه حتى يساعدونه بالمشي وركوب سيارته وانصرف تارك لهيب يتأمل الصندوق بظلمه الليل الحالكه الا من انارت الرصيف وانعدام البشرية من حوله ..

جريمة على ساحة خصرها !حيث تعيش القصص. اكتشف الآن