P19

1.2K 51 4
                                    

ضربت آذانها مرات عدة تخفف الضجيج:خلاص خلاص..
والله اسفه !
تركتي مجال للندم والحسرة ليه؟...
بعد مدة من الانهيار النفسي دخلت عليها شهلا ونِهال وحاولوا فيها تنام .
ومشاعل وضُحّى وسارة ونجود عند النوري
ومجلس الرجال فيه ناصر وصهيب وسلطان ومتعب ومحمد وأبوه...
كان الندم اكبر من الحزن!
كل واحد فيهم يعاتب ذاته"يا ليتني جلست معه،وياليتني وياليتني.. ،وياليت الليت يكون!
كانت ليلة ثقيلة بمعنى الكلمة !...
صباح اليوم التالي!
صباح يوم ذكرى حزينه لن تنسى!
راحت النوري للمغسلة وهَدب بالقوة غصبت نفسها تروح
وناصر وسلطان معهم...
وضعت اقدامها على عتبة الباب مترددة،كيف تقوى تشوفه وهو جثة هامده !...
تأملت ملامحه للمره الاخيرة وهمسّت وهي تقبّل جبينه:زورني باحلامي يا جدي لا تنسى !
طلعت من الغرفة وكانت هي آخر من ودعه
أول ما مشت خطوتين غابت عن الوعيّ وقبل لا تطيح قرب منها سلطان بسرعه ومسكها من لاحظها على وشك السقوط:ناصر ،عطني مفتاح السيارة!
غالبًا ما ينادي عمّه ناصر باسمه..رمى ناصر المفتاح لسلطان والتقطه بسرعه وهو يحمل هَدب ويتوجه فيها للسيارة .
دق ناصر على صهيب يجي ياخذهم للمقبرة .
بعد مدة قليلة وصلوا المقبرة وكانت النوري بالسيارة غارقه بأحزانها على أنيس أيامها وحبيب روحها !
.
عند سلطان وهَدب بالسيارة!
بنص الطريق استيقظت ،فتحت عيونها بتثاقل أمالت برأسها تتفحص المكان اللي هي فيه:شسوي انا هنا؟
وقف السيارة على جنب ومال برأسه ناحيتها :غبتي عن الوعيّ وكنت بوديك للمستشفى.
ما أنكرت نبرة الانكسار بصوته ،وبحته الخشنه دليل على بكائه ليلة الامس!
اخذ علبه المويه ومدها لها بعد ما فتحها :اشربي
ما ردت لذلك قرب منها وشال النقاب:اشربي المويه..مالي خلق يغمى عليك مره ثانيه !
ألتفت على الدريشة بعد ما خذت المويه وشِربتها،تغطت بطرحتها ونطقت بحدّة:يلا رجعني للبيت !
رجعها للبيت وراح يكمل معهم الدفن
.
كان هناك شخص واقف من بعيد ومتلثم وما كان الا فهد !
وده يقرب ويشارك بالدفن،بس ماله حق !..بأي وجه وحق يقبل عليهم ؟!.
خلصوا الدفن وراح ناصر لأمه يركض يتطمن عليها!
فتح باب السيارة واخذ مويه وراح للباب الثاني:يمه يمه
ماردت عليه او بالأصح ما قدرت من شدة التعب اللي فيها..فتح المويه ورفع برقعها وساعدها تشرب:سمّي بالله يمه .
بالبيت بعد ما الناس تجمعت تعزي!
والمجلس امتلى بالرجال كذلك الحريم ،اللي اصبح اللون الاسود سيد مكانهن !.
دخل المجلس وهو لابس كمامه وطرف شماغه اليمين لافه على كتفه اليسار .تأمل المكان بحزن وهو يشوفه نفسه ما تغير نفس لون الجدران نفس القعده...
انتبه له سلطان وفز بسرعه، تقدم لعنده بهدوء وهو يحاول يسيطر على اعصابه !
مسكه من معصمه وهو يجره لبرا :ايش تسوي هنا ؟!
نطق بنبرة هادئة وهو ينزل الكمامة:وليش ما أكون هنا؟
دفه للجدار بقوة وهو يصرخ:ففهدد!
غمض عيونه بعدم صبر وهو ياخذ نفس:انا ابوك!..بلا قلة آدب
ضحك بقهر وهو يمرر يده لرأسه:ابوي مات من زمان يافهد !
أردف بغيض:ابعّد من هنا !
تقدم فهد ونطق:سلطان..هذا عزاء أبوي!
رفع سبابته واشار فيها على فهد:لاذكرك ابوك مات وهو غضبان عليك !
كان بيرد بس صوت متعب قاطعه:ما شرفت الا الحين يا الخسيس!
نطق فهد بغضب:تتعاطون قلة آدب انت وياه؟!!
أبتسم متعب بطرف شفته:صدقني افضل من اللي تتعاطاه !
غمض عيونه ولعق باطن خده بقهر وغضب شديد!..
وعلى حيّن فتحت عيونه أبصر المسدس بنص صدره!
عقّد حاجبيه وعيونه على متعب:هيي!..صاحي انت؟!
سلطان وهو ياخذ المسدس من متعب ويوجهه لرأس فهد:ابعّد من هنا لا افرغ هذا برأسك!
تراجع لورا ومشى بخطوات سريعه..لف عليهم بقهر وهو يفتح باب السيارة !
اخذ متعب المسدس من يد سلطان ولف لاجل يروح لكن سؤال سلطان استوقفه:هذا دايم معك ؟
متعب:طبيعة شغلي تستوجب ذلك
هز رأسه بهدوء وسبق خطوات متعب وهو يدخل للمجلس .
انتهى أول يوم عزاء بمرارة شديدة !
دخلت المجلس بخطوات ملئية بالانكسار كانت بصعوبة ترفع رجلها ،بالحقيقه ما كان ودها تدخل وتسترجع ذكرياتها مع جدها هي ما راح تنساها لكن اشتاقت لطَيفُه ..اشتاقت لضحكاته ،اشتاقت لكلماته الملئية بالحنان بترحيبه فيها اذا دخلت لِـ هالمجلس ،كانت بكل خطوة تخطيها داخل هالمجلس تشوف جدها تشوف محياه تشوف مبسمه ...وصلت لمكان جلوس جدها المعتاد خرت قواها وطاحت على الأرض و بدأت دموعها بالإنسياب بغزاره ضمت رجولها لبعض ووضعت كف يدها على عيونها وأسندت رأسها على ركبت رجلها ،ذبلت قواها ذبلت روحها ذبل كل شيء فيها ،امها وراحت ابوها وراح جدها وراح ..من بقى لها !؟
،
وكأن روحه ساقته لهالمكان راح بخطوات ذبلانة عارف اللي كان يجي عشانه، روحه ما عادت موجودة على هالحياة
بيجي عشان مين هالمره !.
كان الباب شبه مفتوح دفعه لينفتح بالكامل
وقابلته هَدب الي مازالت واضعه رأسها على ركبتها وتبكي بُكل ما أُوتيت من قوة حتى صوت شهقاتها بات مسموع !
مشى عندها بخطوات سريعه وجلس على أطراف قدميه
:هَدب
ما سمعت صوته كانت كل أفكارها عباره عن جدها !
جدد النداء بس هالمره قرر يتجرأ ويلمسها شال يده وحطها على كتفها وهو يهزها بخفه نطق بصوت خشن فاتِر :هَدب يكفي !
رفعت رأسها بصعوبة وناظرت له بعيون دامعة وتمتمت :جدي راح يا سلطان جدي راح !
نطق سلطان والود وده يضمها ويخليها تطلع كل هالغصة :انا هنا يا عين ابوي ! وعد ما اخليك !
تمتمت ودموعها ما وقفت عن النزول ومع كل كلمة تخرج شهقات :كذاب كذاب..حتى هم وعدوني ما يروحون بس شوف شوف راحوا !!
ما قدر يتحمل شقهاتها وإنكسارها جثى على ركبتيه ومسك رأسها وضمه لصدره حط يد على رأسها واليد الثانية على أكتافها :وعدتك يا هَدب..والله ما اخليك !
بعد ما هدت شوي وبعدت يدها عن صدر سلطان الي كانت تدفعه فيها ! تمتمت بصوت متحجرش:جدي كان دايم يجلس هنا قدام الباب !بس عشان اول ما ادخل يشوفني  ويهَلّي فيني ..ما كان يقول اسمي متخيل !
تمتم وهو يمسح على شعرها بحنية ما كان شيء يغطي هالشعر الأسود!:وش كان يسمّيك ؟
اجهشت بالبكاء مره اخرى :روح جدها ! جت روح جدها ،هلا بروح جدها ..
اردفت بتنهيدة:تكفى ي سلطان رجعلي جدي !
شدها لصدره زيادة ونطق وهو مو قادر يمسك دموعه وبصوت فاتر جدًا:ادعيله بالرحمه !
تمتمت وهي تبتعد عن حضنه :الله يرحمه
واردفت بحزن شديد :اللهم اجعلني اول الاحقيـ..!..
قاطع دعوتها بوضع يده على فمها بعدم استيعاب
: هَدب ! ...واردف بضعف :لا تقولين كذا !
ابعدت يده عن فهمها وتمتمت بنِحيب: وليش ما اقول !
ليش !!.. أمي وراحت من قبل لا اشوفها وما تركت لي غير الذكريات !
سكتت لثواني واكملت:أبوي شفته شفته انذبح قدامي ،حتى دمه لطخ يديني!!
الي كان دايم يقول لي (ي بابا انا عندك ي بابا ماراح اخليك ) وينه الحين ؟! رفعت أكتافها واكملت: راح !
رفعت رسغها ومسحت دموعها بعشوائية واردفت : حتى جدي راح معهم !
سلطان ما كان عارف وش يسوي وما كانت هَدب الي قدامه كانت طفله عمرها ثمان سنين!
رفع كف يده اليمين ووضعها على خدها ومسح دموعها بإبهامه !للمره الالف يتمادى ويتخطى حدوده !.
بعد ثواني ابعد يده بسرعه وكأنه أستوعب خطيئته !
وتمتم بلخبطة وهو يقوم :بنادي لكِ نِهال!
فهد!
رجع للرياض وهو حامل ألف شعور!
شعور اللخبطه هذي متعب جداً
دخل الشقه وكان جسدها الهزيل يستوطن الكنب
قرب ومسح على شعرها:اسف
-

أنتِ القـصيدة فـي هَـدب عـيني  Where stories live. Discover now