🔑مشاهد من الرواية🔑

25.6K 251 22
                                    


بسم الله نبدأ .........................
مشاهد من الرواية

عيناها تلتمعان ببريق إعجاب احتل خلاياها كلها وهي ترمقه في جلسته المهيمنة كملك متوج...
شعره المصفف بعناية كما يجب أن يكون...
جبينه الوضاء الذي تجعد مع انعقاد حاجبين ظلّلا عينين صقريتين تتوهجان كشهابين من نار...
أنفه الذي يحكي بشموخه ألف قصة من غرور...
شفتيه اللتين ناقضتا كل هذا بابتسامة جليدية قبل أن تمتد أنامله ليشعل لفافة تبغ أخذ منها نفساً عميقاً قبل أن ينفثه ببطء ...
خطواتها تنجذب نحوه دونما وعي حتى تقف أمامه قبل أن تنحني على ركبتيها وهي تعقد ساعديها على ساقيه لتتمتع عيناها بصورة أقرب وهي ترفع وجهها إليه لتهمس بصوت مغوٍ:
_لن تقنعني ببرودك هذا...تحت الرماد نار أكاد أحسها تلفحني بلهيبها.
فاتسعت ابتسامته القاسية موازية لصرخة دهشتها وهي تراه يغرس "سيجارته" المشتعلة في معصمه لتتجمد ملامحه بألم بدا وكأنه اعتاده ...قبل أن يتصبب جبينه بعرق خفيف وهو يتناول مطفأة سجائره من جواره ينفخ بقايا رمادها في وجهها متجاهلاً سعالها ...
وهي تتبع بنظراتها تلك الندوب على ذراعه والتي تعرف - الآن- سببها!!
ليقول أخيراً خلف عينين تموجان ألماً وقسوة وهو يتذكر آخر عبارة ل"طيفه" الغادر :
_حمقاء! وهل للرماد حياة؟!
========
***أزرق.....
==========
_هل عدتما؟!
هتف بها فهد بلهفة وهو معلق على سلم خشبي في غرفة الصغيرة التي اندفعت نحوه لتهتف بشقاوتها المعهودة وبحروفها المتلعثمة:
_أو...ستان...إيد...فجأة!
ضحك فهد وهو يشير لجنة بأصابعه هاتفاً بمرح:
_الترجمة من فضلك !!
فاستسلمت جنة لضحكاتها للحظات قبل أن تقول مفسرة:
_ فستان العيد ...مفاجأة!!
قهقه ضاحكاً وهو يعود لما يفعله مع قوله:
_تأخرتما كثيراً!
فزفرت جنة لتقول بإرهاق:
_صغيرتك متعبة مثلك...لا يعجبها شيء...أكاد أجزم أننا ذهبنا لجميع المحلات في المنطقة...كلما اخترت لها ثوباً تهز رأسها نفياً باعتراض حتى أعجبها هذا!
قالتها وهي ترفع الثوب الذي اختارته الصغيرة أمام عينيه ...
ثوب فيروزي يميل للزرقة بعدة طبقات من قماش الشيفون المنفوش ...
ضيق الصدر مع حمالتين رفيعتين...وقد زين خصره بحزام عريض من نفس اللون مع نقط صغيرة باللون الفضي...رمقه هو بنظرة إعجاب متفحصة قبل أن يقول بمرح:
_لقد أفسدتِ ذوق الفتاة...صارت مهووسة بالأزرق مثلك!
فابتسمت جنة وهي تجلس بإرهاق على طرف فراش الصغيرة التي صفقت بكفيها وهي ترى ما يفعله أبوها...
كان قد علق لها البالونات في سقف غرفتها بشكل رائع مزج اللونين الفضي والأزرق...
والآن كان يثبت لها الكثير من النجوم في سقف الغرفة ...
قبل أن يقول لها بحنان:
_حبيبة أبيها تطفئ النور لترى المفاجأة!!!
جرت ملك بمرح لتطفئ الأنوار ثم شهقت بسعادة وهي ترى النجوم التي تضيء في الظلام وقد ملأت سقف الغرفة وصنعت مع البالونات عالماً مثالياً لطفلة في عمرها ...
بينما هتف فهد بمرح:
_كي لا تخافي من النوم في الظلام بعد الآن...ونتجنب الشجار مع "الأستاذة" التي ترى من المفيد للطفل ألا ينام والأنوار مفتوحة!
ضحكت جنة بمرح وهي تراقب جو الغرفة الساحر حولها بفرح...
لكن الصغيرة عادت تفتح النور وهي تشير بأصابعها نحو فهد بكلمات متلعثمة فهمها هو هذه المرة...
فنزل من على السلم الخشبي ثم توجه نحوها ليخرج من درج قريب زجاجة طلاء أظافر نبيذية اللون...
رفعها في وجه الصغيرة ليقول بمرح:
_هيا لنلون أظافر أميرتنا!
ملأت ضحكات ملك المكان وهي تجلس على طرف الفراش فاردة له ظاهر كفيها بترقب طفولي...
فجلس على ركبتيه أمامها وهو يفتح الزجاجة ليبدأ في طلاء أظافرها بحرص مع قوله:
_أريدكِ أن تكوني أجمل فتاة عندما نذهب لصلاة العيد .
فضحكت جنة وهي تراقبهما بحنان قائلة :
_لا تحمل همّ صلاة العيد...بل زيارة أختك وطفليها...ضياء الرفاعي يعيّر ابنتك بأنها أقل جمالاً من شقيقته فضية العينين!!
أطلق فهد صيحة استنكار وهو يراقب ملامح الصغيرة التي بدت وكأنها تفهم هذا وإن عجزت عن التعبير...
ليقول بحمية أب غيور:
_من هذا الذي يقلل من شأن ملك الصاوي؟! أنا سأؤدب ابن الرفاعي بشعره المشعث هذا عندما أراه !!!
ضحكت ملك بسعادة وهي تكرر بكلماتها المتلعثمة ما يوازي (ضياء شعره مشعث) وكأنما أسعدتها الجملة !!!!
بينما انتهى فهد مما يفعله ثم تناول أناملها الصغيرة لينفخ أمامها بقوة مجففاً الطلاء قبل أن يقبل وجنتي ملك هامساً بنبرة حازمة:
_والآن تنامين مبكراً حتى ندرك صلاة العيد!
أومأت الصغيرة برأسها وهي تتوجه نحو جنة التي حملتها لتبدل لها ملابسها وتعدها للنوم...
فيما تثاءب فهد ليقول بنبرة متعبة:
_وأنا أيضاً سأذهب للنوم...تصبحين على خير!
قالها وهو يحمل السلم الخشبي ليغادر الغرفة...
ولم تكد الصغيرة تستسلم للنوم حتى لحقت به جنة إلى غرفتهما...
حيث فوجئت به قد أخذ وضع النوم وبدأ في ضبط منبه هاتفه ثم وضعه جواره ليستلقي على جانبه...
مطت شفتيها باستياء ثم خلعت حجابها لتمشط شعرها الذي تركته حراً على ظهرها...
ثم تخيرت أحد قمصانها الحريرية بلون سماوي جذاب زاد من فتنتها الطبيعية خاصةً مع عطرها المفضل بمزيج من رائحة الصندل والفانيللا...
قبل أن تستلقي جواره لتوكزه بسبابتها في كتفه هامسة بدلال :
_فهد ؟! هل ستنام حقاً؟!
رمقها بعين نصف مغمضة وهو يهمهم بإجابة مفادها الإيجاب..
لكنه وكزته بعنف أكثر وهي تقول باعتراض:
_لا تمزح...لا أحد ينام ليلة العيد!!
لكنه تثاءب من جديد ثم جذب الوسادة ليضعها على رأسه قائلاً:
_نحن نفعل...من تقاليد عائلتنا أن ينام الرجل ليلة العيد!!
_فهد!!
هتفت بها بنبرة زاجرة وهي ترفع الوسادة عنه لتردف بصرامة مصطنعة:
_لن تنام وهذا آخر كلام!
زفر بضيق مصطنع وهو يقوم من مكانه ليسألها السؤال المفخخ:
_وكيف سنقضي ليلتنا؟!
ردت له بضاعة "خبثه" بمثلها عندما قامت لتقف وهي تعقد ساعديها أمام صدرها قائلةً بمكر:
_نشاهد مسلسلي الأجنبي المفضل...جرائم معقدة وكيف تصل الشرطة للحل!
ظهرت الخيبة على وجهه لكنه واراها بسرعة وهو يهب واقفاً ليقول باستحسان مبالغ فيه:
_فتحتِ شهيتي للسهر حقاً...إلا مسلسلات الجرائم هذه ...أعشقها!!!!
قالها وهو يلاعب حاجبيه مشاكساً بينما يقترب منها وعيناه تلتمعان بشقاوتهما المعهودة...
فلكزته في كتفه وهي تقول بعتاب ممتزج بالمرح:
_تريد شيئاً؟!
دارت عيناه عليها بتفحص حار للحظات ...ثم اقترب منها ببطء وعيناه تعانقان شفتيها بحب...
قبل أن يميل عليها ليهمس في أذنها فجأة:
_قهوة!
_ماذا؟!
هتفت بها باستنكار فجلجلت ضحكته في أذنيها للحظات قبل أن يخبطها بسبابته على أنفها قائلاً بمرح:
_سأنتظركِ حتى تعدينها أمام التلفاز بالخارج...كي نشاهد مسلسلك المفضل!!
قالها وهو يغمزها بخفة ثم غادر الغرفة تاركاً إياها خلفه وقد غلبتها ابتسامتها...
لتعود إليه بعد قليل وقد وجدته قد فتح التلفاز حقاً على مسلسلها المفضل...
وضعت صينية القهوة جانباً وهي تهم بالجلوس جواره لكنه سحبها ليجلسها على ساقيه ثم همس وهو يزيح خصلات شعرها عن وجهها:
_لا تريدين طلاء أظافر مثل لوكا؟!
فأسبلت جفنيها وهي تزم شفتيها بدلال لتهمس:
_ظننتك نسيت!
_أبداً يا أستاذة!
همس بها بعاطفة أذابتها وهو يقربها منه أكثر ليمدد ساقيها أمامه...
ثم تناول زجاجة الطلاء من جواره ليقول بمرح:
_سنبدأ بقدميكِ لأجل خاطر دلالهما المميز هذه الليلة!
قالها وهو يشير لتلك الاكسسوارات من "العُقل" المعدنية التي تلونت بالذهبي والفضي والنحاسي والتي زينت بها أصابع قدميها في غفلة منه ...
أو هكذا كانت تظن!!!!
فتنهدت بحرارة وهي تسند رأسها على كتفه فيما تهمس له وهو يباشر ما يعمله بسعادة:
_كم أحبك!
عاد ببصره إليها للحظات لتلتقي عيونهما في نظرة طويلة...
ثم رفع قدمها ليقبل ظاهرها بعمق قبل أن تستمر قبلاته في خطها الطويل حتى وصلت لجبينها ...
قبل أن يهمس أمام عينيها:
_لم أقل لكِ يوماً "أحبك" ولن أفعل أبداً!
فابتسمت وهي تلامس شفتيه بشفتيها لتهمس بدلال :
_لازلت تراني امرأة لا يليق بها كلام مكرر؟!
_بل لا يليق بها كل الكلام...مهما عظم!
همس بها بيقين ثم ترك ما بيده ليضمها إليه بقوة وأنامله تتوه بين خصلات شعرها الثرية مع استطراده وهو يذوب أكثر في وهج البندق خاصتها:
_عمري قبلك كان قبضة تعتصر رقبتي...ظاهره حياة وباطنه موت...حتى أهداني القدر معكِ بعثاً وحياة...فليقولوا ما يشاءون عن الحب...لكنني وحدي أدرك أنه من لم يعشقكِ أنتِ فلم يحب!!
تعلقت بذراعيها في عنقه وشفتاها تدللان ملامحه بما يليق...
حتى توقفتا أمام ندبة ذقنه فرفعت إليه عينيها وهي تتذكر تلك الليلة التي جمعتهما لأول مرة...لتهمس بشرود:
_من كان يقول أن تكون أشد لحظاتي يأساً هي التي ستفتح لي باب حب عظيم كهذا!
بادلها نظراتها العاشقة بمثلها وهو يضمها إليه أكثر قبل أن تشعر بقبضتيه تخبطانها ببعض القوة مع همسه العاتب في أذنها وهو الآخر يسترجع أقسى ذكرياته معها أيام أوهمته بموتها :
_قلت لكِ سأظل أضربك طوال عمري كلما تذكرت ما فعلتِه بي...صدقيني ندبتك هذه على وجهي لا تساوي شيئاً أمام ندبة قلبي من حينها...لازلت أستيقظ بعض الليالي خائفاً من أن تكوني وملك مجرد حلم !!
التمعت عيناها بشعور ذنب قديم وهي تخفي وجهها في عنقه وقد آثرت الصمت عن أي تبرير ...
عندما ضمها إليه أكثر وأكثر حتى كاد يعتصرها بين ضلوعه...
قبل أن تشتعل عاطفتهما أكثر ليستجيبا لها بجنون...
جنون انقطع مع رنين هاتفه الذي أصر على تجاهله لولا إصرار الطرف الآخر بدوره...
فزفر بقوة وهو يبعدها مع هتافه :
_هي ليلة منحوسة وأنا كنت أنوي النوم...أنتِ التي أيقظتني!
فضحكت بشماتة وهي تخرج له لسانها بينما تناول هو هاتفه ليطالع اسم المتصل قبل أن يفتحه بسرعة مع هتافه بمزيج من قلق ولهفة:
_حسام!
==========
*** أصفر

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now