💛الطيف الرابع💛

5.3K 170 9
                                    



(الطيف الرابع)
======
_يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ..أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين .

يتمتم بها إبراهيم بخشوع وهو ينهي
تلاوة أذكار الصباح في المسجد .
كعهده يمكث في مصلاه بعد الفجر حتى الشروق تالياً وِرده وأذكاره قبل أن يصلي ركعتي الضحى ..

لكنه يزيدههما هذا اليوم بركعتين لقضاء الحاجة وهو يشعر بانقباض صدره دون أن يدري ما السبب ..
أو لعله يدري ولا يريد الاعتراف!
هذه "الكارثة" البشرية التي وقع هاتفها في سيارته والتي تريد أن تلقاه كي يعيده لها !
أمر بسيط لا يستوجب كل هذا القلق فلماذا يشعر قلبه إذن أنه مشرفٌ على مصيبة ؟!
يعلم أن المرأة فاتنة ..لكن أيدعو هذا لكل هذا الخوف من لقائها؟!
ليس شكلها فحسب ..
صوتها الذي سمعه على الهاتف ليلتها كان أشد فتكاً من صورتها ..
لكن منذ متى يبالي "الدرويش" بفتن الدنيا ؟!
هو زهدها كلها منذ زمن!

_اللهم اعصمني من الزلل ..واكفني شر نفسي يا عزيز يا حكيم .

يرددها بخشوع وهو ساجد حتى يقع في قلبه أن دعاءه قد قُبِل فيتم صلاته ثم يغادر المسجد ليعانق ضوء الصباح الذي يعشقه في هذا الوقت من كل يوم .

يسير في الطريق المعهود نحو البيت ليرمق قطعة الأرض إياها باسم "المستشار الشهير" بنظرة متحسرة ثم يحوقل سراً وهو يمضي في طريقه نحو البيت ..
"مستر ربيع" سبقه بعدما أدى صلاة الفجر وقد شعر بألم في ظهره منعه من إتمام طقوسهما اليومية سوياً كعهدهما ..

_صباح الخير يا إبراهيم ..طبق فول "اكسترا" لعيون "مستر ربيع" ..لماذا أغلقتم الفرن بالأمس؟! اضطررت لشراء ذاك الخبز المغلف والزبائن لا يحبونه .

يقولها العجوز الذي وقف على عربة "الفول" على جانب الطريق ليبتسم له إبراهيم مجيباً بأسف:

_أحد الرجلين اللذين يعملان مع أبي مرِض واضطر لأخذ إجازة ..والآخر ترك العمل ..وأنت تعلم أن صحة أبي لم تعد
كالسابق ..لكن لا بأس ..سأقف معه في الفرن مؤقتاٌ حتى نوفر عمالاً آخرين .

ينساب لسان الرجل بدعوات صادقة له ولأبيه ثم يناوله طبق الفول فيأخذه إبراهيم شاكراً ثم يستمر في طريقه ..
والده يحتاجه هذه الأيام ..
ربما هذه إحدى ميزات العمل كسائق في خدمة "أوبر" ولهذا اختاره راغباً كي لا يلتزم بمواقيت عمل محددة ..
لكنها ليست الميزة الوحيدة ..

هو يحب اختلاطه بأهل هذا البلد ..يحب هذه الأحاديث العفوية التي تدور بينه وبينهم ..
يوماً ما عندما رحل من مصر عقب موت حسن ظن أنه لن يعود لهذا البلد أبداٌ ..
ربما لهذا يريد الآن أن يمرغ وجهه في صدر هذه الأرض ..
أن يملأ عينيه من كل هذه الوجوه التي تشبهه ..
دوماً تشبهه ..مهما تختلف الملامح !

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now