❤️الطيف التاسع عشر❤️

4.3K 172 17
                                    



الطيف التاسع عشر
======
*أحمر*
======
_إلى أين تذهبين ؟!
تسألها هبة وهي تراها قد ارتدت ملابس الخروج متأهبة لمغادرة شقتهما فترد يسرا بابتسامة مصطنعة :
_أشتري بعض اللوازم الضرورية لي ..إبراهيم متعجل في عقد القران والزواج .

تبتسم لها هبة بود وهي تقترب منها متسائلة :
_وأنتِ ؟! ألا تريدين التمهل ؟! واثقة من مشاعرك نحوه ؟! لا تخافين سرعة ارتباطك به هكذا ؟!

فتدمع عيناها بعبرات مختنقة وهي تهز كتفيها ..مرحها المصطنع يخفي مرارة حقيقية :
_حلمي وجاء بين ذراعي ..أقول له: لا ؟!

تتسع ابتسامة هبة رغم شعورها بعدم ارتياح غير مبرر لكنها تربت على كتفها لتقول بمودة :
_إبراهيم "ابن حلال"..ومفتون بكِ ..حبه لكِ لا يخفى على أحد .
_وأنا ..أنا لم أحب رجلاً في حياتي غيره .

تهمس بها بحرارة "غير كاذبة" وهي تغمض عينيها بقوة ..
شريط العمر يمر أمام ناظريها يستعرض صور كل من سبقوه ..
حسام ..فهد ..فادي ..
فلا تجد لهم في القلب سوى ذكريات باهتة ..
وحده هو يحتكر البريق الأعظم !

_آتي معك؟!
تسألها هبة باهتمام لترد بسرعة :
_لا داعي! سأشتري أغراض نسائية خاصة ..أظنكِ ستخجلين من موقف كهذا !

تقولها مدركة طبيعة هبة التي احمرت وجنتاها بسرعة وهي تشيح بوجهها متمتمة بارتباك :
_معك حق! أنا فقط كنت أخاف تركك وحدك ..

تقولها ثم تندفع نحو درج جانبي تستخرج منه مبلغاً مالياً تدسه في كف يسرا قائلة بحزمها الودود :
_خذي هذا كي تتمكني من شراء ما تريدين .

تدمع عينا يسرا بتأثر وهي ترده لها هاتفة :
_لا حاجة لي به .."مستر ربيع " أعطاني ما يكفيني .
لكن هبة تشدد قبضة يسرا على النقود قائلة بإصرار:
_ولو! هذه هديتي لا ترديها .

تغتصب يسرا ابتسامة باهتة وهي تعانقها بقوة ..
عيناها تدوران في تفاصيل المكان حولها بنظرة طويلة كأنها ..تودعه !

خطواتها المتثاقلة تهبط بها الدرج ..
سلمه المكسور الذي تآكل بعض طلاء جدرانه وظهرت أسياخ الحديد من درجاته القديمة لكنه بقي صامداً على حاله ..
المدخل الضيق الذي بدا لها باتساع الكون ..
الشارع العزيز ..
الفرن الذي فاحت منه رائحة الخبز الطازج ..
كرسي ربيع الذي اعتاد الجلوس عليه والذي خلا منه الآن كعهده في هذا التوقيت من اليوم ..
بيت ربيع المقابل وشرفته المغلقة في وجهها بما ودت تصديق أنها ..مصادفة !

كشك "سندس" التي لوحت لها من بعيد لتنشغل بعدها بزبائن ازدحموا حولها ..
سامي الصغير الذي استلقى نائماً على كرسي عريض جوارها ..
بائعة "النعناع" تلملم ما بقي من "حِزم السعادة الخضراء" ..تعد حصيلتها من ربح اليوم وهي تقبل باطن كفها وظاهره قبل أن تنهض لتغادر ..
تزداد خطواتها هي تثاقلاً ..
حتى تتوقف أخيراً مكانها !!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن