💖الطيف الخامس والثلاثون💖

4.4K 181 26
                                    



الطيف الخامس والثلاثون
======

*فرنسا..آنسي..

_لن أكف عن الطرق هذه المرة يا "لارا".. لن أمضي كالمرة السابقة.. افتحي.. افتحي.. سأكسر الباب..

تصرخ بها يولاند بالفرنسية وهي تطرق الباب بكل قوتها حتى أدمت قبضتها لكنها لم تكن تشعر بالألم..
لقد صارت تعلم معنى ان يفيض الوجع من الداخل فلا يترك منفذاً لوجع من الخارج..

_اهدئي بالله عليك! الجيران سيطلبون لنا الشرطة.

يقولها جهاد محاولاً تهدئتها والحزن يعتصر قلبه على حالها.. المسكينة فوجئت عقب عودتها بوفاة والديها.. أخبرتها بها لارا المرة السابقة بحقدها الغاضب وهي تغلق الباب في وجهها.. أخبرتها أن والدها لم يقوَ على نسيانها حتى بعدما صفى تجارته وترك باريس إلى هنا.. أنه رغم ردوده الباردة وقطعه علاقته بها كان ينتظر عودتها.. أنه مات وهي آخر اسم تلفظ به.. قبل أن تلحق به أمها بعد عام..
كل هذا حدث وهي لا تعلم!
كأنما توقعت أن يتوقف العالم هنا كما توقف عالمها هي بعشقها لرجل بادرها من ظهرها بطعنة غدر!
رجل منحته أقصى ما يمكنها منحه فأبى منحها أقل ما تستحق!
إشفاقه نحوها يفوق رثاءه لذاته وهو لا يعرف كيف يواسيها..
لقد عاشت طوال هذه السنوات تمني نفسها أن يقبلوها من جديد..

_أرجوكِ يا لارا افتحي.. لم أكن أعلم.. أقسم أنني لم أكن أعلم.. طوال هذه السنوات وأنا أمني نفسي بأنه قد تحدث المعجزة يوما وتقبلونني لو عدت ..غدر بي قطار العمر فلم أنتبه.. غدر بي بعدما منحني ثلاث معجزات لا واحدة.. كل طفل من أطفالي كان بمثابة معجزة وددت لو تعاود مد الجسور بيننا.. والآن ذهب كل هذا.. كل هذا صار مجرد رماد..

تنتهي كلماتها مع طرقاتها وهي تنهار بجسدها فوق الباب الذي بقي مغلقاً لتدمع عينا جهاد وهو يشهد انهيارها غير قادر على مد يد عون..
_عودي من حيث أتيتِ! يولاند ماتت.. ماتت!

تصرخ بها لارا بصوت باكٍ من خلف الباب المغلق فتطلق يولاند ضحكة ساخرة بدت غريبة وسط دموعها وهي ترفع عينيها نحو جهاد قائلة بالفرنسية :
_سمعتها؟! يولاند ماتت.. وفدوى ماتت قبلها.. فمن بقى لي؟! من بقى لي؟!

يبتلع غصة حلقه وهو يشيح بوجهه للحظات قبل أن يعود ليمد لها كفه فتتعلق به لتقف مترنحة للحظات..

_دعينا نغادر الآن..
_لا!
تصرخ بها بفزع من يخشى المزيد من فقد آخر خيوطه وهي تهم بطرق الباب لكنه يهتف بحسم :
_سنعود في وقت لاحق.. اتركيها الآن حتى تهدأ.

ترمقه بنظرة مشتتة شع فيها بعض الأمل وهي تعاود النظر للباب المغلق قبل أن تتخذ قرارها وتسير جواره عائدين للفندق الذي اختاراه للإقامة هنا..
ورغم جمال الطبيعة حولها لكنها لم تكن تبصر في هذا العالم كله إلا القبح..
قبح الغدر.. الخذلان.. والأسوأ قبح "الشتات"..
لهذا ما كادت تستقر معه في المطعم المطل على بحيرة آنسي في الفندق حتى بادرته بسؤالها الشارد :
_تظن الله يعاقبني لأنني غيرت ديني؟! أخذ مني ريان ثم أولادي وأخيراً أبي وأمي ولارا.. تظنني كنت على خطأ عندما..

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now