💛الطيف السادس والأربعون💛

6.3K 228 25
                                    

الطيف السادس والأربعون

=======

_لا تتحركي!

تشهق بتول بفزع وهي تسمع صوت الحارس القاسي الذي رفع سلاحه في وجهها.. قبل أن تنتبه للآخر الذي أطلق النار على إطارات سيارتها - كما تعلّم- ليمنعها فرصة الفرار - إن وجدت-!!

_من أين ظهر هذان؟!
تهمس بها لنفسها بذعر وهي تشعر بهم يكممون فمها ويطوقون جسدها ليدفعوها داخل البيت..
الرعب يجمد أوصالها وهي تراه هو يغادر غرفة المرأة كعاصفة مغلقاً بابه بحرص لا يتعارض وسرعة تقدمه نحوهم كشيطان أطلقوا أسره لتوه..
نظراته مصدومة كأنه لا يصدق كيف وصلت هذه إلى هنا!!
لكن الدهشة تتحول لغضب هادر وهو يصرخ بالحارسين :
_أين كنتما عندما اقتربت؟!
يرتعد الرجلان ليردا في نفس الوقت وبنفس الجواب تقريباً :
_انشغلنا مع تعب السيدة وخروج الأطباء و..
لكنه لا يمنحهما فرصة المزيد من الكلام ورصاص مسدسه يرديهما مكانهما في رد فعل متطرف إنما يناسب شخصاً بهوسه!

تكتم الخادمة صرختها وهي تلتصق بالجدار خلفها ولم تكن بتول أفضل منها حالاً وهي تشعر أنها سترى أسوأ وجوهه..
لكن توقعها لم يعصمها من سطوة الدهشة من وحشية هجومه وهي تراه دون أن ينتظر أي رد منها يتقدم ليعتصر رقبتها بين كفيه بقسوة وهو يدفعها للخارج كي يبعدها قدر استطاعته متمتماً بخفوت وعيناه تكتبان شهادة إعدامها:
_إذن فقد تبعتني إلى هنا.. لا بأس.. خطأ يمكن تداركه.. أجل.. كما أقرأها في عينيك تماماً.. أنتِ فهمتِ أنها هي نقطة ضعفي التي حدثتك عنها من قبل.. تراكِ تذكرين بقية حديثي وقتها.. هه.. ماذا كان؟!

تتضرع إليه وسط شهقات بكائها وهي تشعر بقرب اختناقها.. تتراجع للخلف خارج البيت رغماَ عنها مدفوعة بقوة خطواته لكنه يبدو وكأنه لا يسمع..
بل كأنه صار مجرد آلة للقتل!!

حتى همسه الخافت بدا لها كنصل حاد وهو يردف بينما تضغط أصابعه على رقبتها أكثر فتصير روحها على بعد أنفاس :
_لا زلت أذكر ماذا قلت لك يومها.. (الموت يسبق الوصول إليها) .

_(فهمي!)

الهتاف المفاجئ بالصوت الحبيب يجمده مكانه!!

الهتاف الرقيق..
الخائف..
المندهش..
القلِق..
العاتب..
المحترق بلوعتيهما معاً!!

اسمه الذي كاد ينسى وقعه على روحه عندما يخرج من شفتيها!!
كأنها هي الوحيدة التي تجيد تهجئة حروفه في الدنيا كلها!!

هل تذكرت اسمه وصوته حقاً؟!
فقط؟!
أم.. ؟!

الإدراك الأخير يصفعه فيترك بتول فيما يشبه الخارقة ليلتفت نحو فجر التي بدت في أقصى حالات تشوشها ووهنها..
تمد ذراعيها حولها تتحسس طريقها إليه ولا تزال تهتف باسمه وسط سيل من الدموع..
لا يزال تحت تأثير الصدمة لكنها تكرر اسمه مرة تلو مرة..
كل مرة تزرع زهرة.. وتحفر قبراً!
يرى بتول تعدو هاربة بكل قوتها فيتحرك نحوها خطوة وهو يشعر أنه عالق في المنتصف بينهما..
خطوة واحدة يهم باللحاق بها لكن نداء فجر من جديد يجعله يتخلى عن لعنة المنتصف دون تفكير وهو يندفع نحوها هي صارخاَ بغضب بدا وكأنه زلزل الأرض تحت الجميع..
_لماذا الآن؟! لماذا؟!
لكن فجر تهتف بضياع مشتت بين شهقات دموعها وهي تبدو كمن تعاني الغرق بين شلال الذكريات المباغت:
_فهمي!أنا تذكرت.. تذكرت كل شيء.. الحادث.. السيارة.. الماء.. المشفى..! ماذا هناك؟! من أطلق النار منذ قليل؟! هل هي عائلتي؟! هل عرفوا كم مر من وقت؟! يالله!!ماذا حدث؟! بل.. ماذا يحدث؟!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now