💙الطيف السادس والعشرون/ج2💙

3.3K 167 11
                                    



الجزء الثاني من الطيف السادس والعشرون
********

أَعليكَ أبكي أم عليَّ
فلستُ أدري يا وطن

أتراكَ مثلي حائرٌ
أم أنتَ مثلي مفتتنْ

قد جارت الدنيا عليكَ
وأبَّنوكَ بلا كَفَنْ

نمشي بركب جنازتينِ
أنا وإياكَ معاً

(كلمات الشاعر زياد علان العينبوسي)

يقرأها جهاد سراً وقد سجلها على هاتفه ليتنهد بحرارة وهو يتحسس موضع سلسلة "حنظلة" التي صارت حبيسة جيبه كما هو حبيس يأسه !

يقلب في هاتفه يبحث عن أي معلومات على حساب زهرة ليجد منشورات عادية تتحدث عن رغبتها في بدايات جديدة تستحقها ..

فيغلق عينيه بألم وهو يزداد يقيناً في كل يوم أنه لم يكن سوى مغفل كبير استباح الجميع حرمات كبريائه ..!

يفتح عينيه بما يبدو كمقاومة لكل هذا الوجع داخله ليدور بهما في المكان حوله ..
مطعم أنيق تزاحمت فيه الوجوه لكنه بدا وكأنه لا يلمح وسطها إلا وجهي الخائنين ..ريان وزهرة !

يزدرد غصة حلقه مع الخاطر الأخير وهو يلمحها قادمة من بعيد ..
فدوى ..بل ..يولاند !

ينعقد حاجباه بضيق وهو يميز الثوب المكشوف الذي ترتديه كعهدها مؤخراً ..
تتخذ مجلسها أمامه ليطالع عينيها "الزائغتين " وتطالع هي عينيه "المهزومتين" وإن تشارك كلاهما طيف "الخذلان"!

_لن أسألك ماذا ستأكل ..أعرف ما تفضله .
تقولها بالفرنسية التي عادت إليها ليشيح بوجهه وهو يسمعها تخبر النادل عن طلبهما قبل أن تصرفه لتعود مخاطبة جهاد بنبرة عملية :
_سأعود لباريس .

يلتفت نحوها بدهشة لتردف عبر ابتسامة باردة:
_مجرد خطوة ..سأعود إلى هنا حتماً ..لكن لابد أولاً من الذهاب إلى هناك .

_ماذا يدور برأسك ؟!
يسألها بتوجس قلق لترد بنفس النبرة وهي تهز كتفيها :
_العودة .
_أي عودة بالضبط ؟!
يزداد انعقاد حاجبيه وهو يسمعها ترد بنفس البرود القاسي :
_لكل ما كنت عليه قبل صاحبك ..أو -الذي كان- صاحبك .

يطلق زفرة قصيرة ثم ينحني بجذعه للأمام مقترباً منها بقوله :
_أنا أعرف ما تشعرين به ..لكن لا تدعي الأمور تختلط ..لا تقلبي المائدة بكل ما عليها ..تشبثي بالجذور على الأقل .
_أي جذور تعني؟!
_الدين ..مثلاً .
_أي دين ؟!
كان الحوار بينهما كأغرب ما يكون وهو يصر أن يتحدث بالعربية فيما تصر هي على فرنسيتها ..ومع هذا كان كليهما يفهم صاحبه بأقوى ما يكون ..
لهذا عاد يزأر بحمية انتمائه:
_الإسلام يا فدوى !

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now