💚الطيف الرابع والثلاثون💚

5K 174 14
                                    



الطيف الرابع والثلاثون
=====
*فرنسا..

*أبيض*
=====
_دكتور جهاد الريحاني أوصاني بكم.. يتواصل معي كثيراً للاطمئنان على الحالة.
يقولها البروفيسور الفرنسي المختص بعلاج الصغيرة شمس في غرفة مكتبه لتتطلع ماسة نحو عاصي ببعض القلق لكن الأخير يبدو رابط الجأش وهو يرد باقتضاب صارم لتتولى الممرضة الترجمة :
_ألا يجدر بك أن تطمئننا أولاً؟!

تتنحنح ماسة بحرج وهي ترمق الممرضة بنظرة معتذرة ليسري الحوار بينهما عبرها :

_الصبر يا سيد عاصي.. الحالة نادرة ونسبة علاجها ضعيفة.. كنت صريحاً معكم من البداية.. أقدر مشاعرك كأب لكن أنا أيضاً أفعل كل ما بوسعي.

_أريد أن أراها!
يهتف بها عاصي بنبرته المهيمنة التي لم تفقد قوتها رغم بريق نادر للدموع في عينيه ليهز الطبيب رأسه نفياً..
لكن عاصي ينهض بسرعة ليخبط المكتب بقبضتيه هاتفاً بصوته المهيب :
_سأراها.. لا عبر زجاج ولا حواجز.. ستنفذ هذا.. خذ كل احتياطاتك.

تحاول الممرضة ترجمة قوله بصورة أكثر لطفاً فيما تنهض ماسة بسرعة لتهدئته وقد تشبثت قبضتاها بعضده لكن غابات الزيتون بدت أكثر اشتعالاً وهو يميز رفض الطبيب الواضح قبل حتى أن تترجمه المرأة..

_لا داعي للعصبية يا سيد عاصي.. هذا لمصلحة الصغيرة قبل أي شيء.

يقولها الطبيب بنفاد صبر فيهم عاصي بالصياح من جديد لكن ماسة تزيد من قوة قبضتيها على عضده لتهمس في أذنه :
_اهدأ! بالله عليك يا عاصي..بحق من رزقنا نور وضياء وهو القادر على أن تكتمل فرحتنا بشمس.

يكز على أسنانه بقوة تكاد تحطمها وهو يلتفت نحو ماسة بعنف جعل الممرضة تتصور أنه سيهم بالبطش بها لكنه يفاجئهم وهم يرونه يجذبها ليخفي وجهها في كتفه فلا يعلم الرائي من منهما الذي يمنح القوة لصاحبه!!

_الصغيرة ستحتاج لجراحة خطيرة لا يمكننا إجراؤها الآن قبل علاج تمهيدي.. لن أجمل الحقائق يا سيد عاصي فسياستي هي الصراحة.. لو لم تستجب ابنتك للعلاج - وهو الاحتمال الغالب- فلن تحتاج للجراحة.. ولا لغيرها.

يقولها بنبرة ذات مغزى لترفع ماسة فضيتيها المكدستين بدموعها لكنها تهتف رغم هذا بابتسامة صابرة :
_لن يخذلنا الله فيها أبداً.. هذا يقيني فيه سبحانه.

يرمقها عاصي بنظرة مذنبة هي خير من يفهمها فتتسع ابتسامتها القوية في موقف كهذا وهي تبدو له كزهرة جبلية تشق طريقها وسط الجبال بصبر حتي تعانق الشمس..
زهرة لا يذبل رحيقها أبداً!

ينتهي بهما المقام أمام "شمسهما الصغيرة" وقد فصل بينهما حاجز زجاجي بدا له كحائط سد ارتطم به رأس ماضيه..

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now