❤️الطيف الثاني والثلاثون❤️

5.3K 196 10
                                    




الطيف الثاني والثلاثون
======
*أحمر*
======
_سمرا! لماذا تبكين هكذا يا ابنتي؟! ولماذا تجلسين هكذا؟!

يهتف بها ربيع بجزع حنون وقد خرج من شقته ليجدها جالسة على إحدى درجات السلم.. تدفن وجهها بين ذراعيها المعقوين وتجهش في البكاء.. وقد تدلى هاتف إبراهيم من إحدى كفيها!
ترفع وجهها إليه بذعر وهي تهز رأسها دون جواب فيستغفر الله بصوت مسموع وهو يجلس جوارها ليبسط ذراعه على كتفيها قائلاً بحنانه المعهود :
_وحدي الله يا ابنتي.. ماذا حدث؟! أغضبك إبراهيم؟! أشد لك أذنيه؟!

أناملها المرتجفة تمسح دموعها وهي تهز رأسها نفياً بينما تتلفت حولها ببعض الدهشة..
كيف وصلت إلى هنا؟!
هل أسلمها خوفها للهروب من شقة إبراهيم؟! كادت تعدو هاربة لكنها لم تعلم.. إلى أين؟!
لم يعد لها بيت إلا هنا!
ربما لهذا جلست هنا تبكي كقطة ضالة بلا مأوى!
يسرا الصباحي التي- بكلمة واحدة- تُفتح لها القصور تجلس هكذا تستجدي الأمان على سلم بيت قديم؟!!
لكن.. مالها ويسرا؟!
ألم تنسها منذ زمن؟!
نسيتها.. يشهد الله أنها نسيتها بكل سواد ماضيها..
فهل ينسون هم؟!

دموعها تغرق كتف ربيع الذي ما عاد يستغرب نوبات خوفها وبكائها.. ربما يتجاهل حدسه الذي يخبره أنها تخفي عنهم شيئاً.. لكنه لا يتجاهل شعوره بصدق محبتها لهم.. ومحبته هو لها..

_لن تقولي؟! ستخفين عن أبيكِ؟!

الكلمات على بساطتها تزلزلها وهي ترفع إليه وجهاً صارخاً بمشاعره إنما عاجزاً بصمته..
ليتها تملك الجرأة لتهتف بالحقيقة..
لكن.. هل سيبقى وقتها يقول أنه.. "أبوها"؟!!

وزرها الثقيل يجعلها تتمادى في الكذب هاربة من عيني العجوز المتفحصتين لتغمغم بصوت مختنق :
_لا شيء.. إبراهيم نائم وجاءه اتصال من.. من.. محامٍ ما.. خفت عليه.. هل تخفون عني شيئاً؟!

يعقد ربيع حاجبيه وهو يتناول منها هاتف إبراهيم ليميز الاسم فيقول محاولاً طمأنتها :
_إنه المحامي من طرف جنة الذي ساعدنا في الخروج من السجن تلك المرة.. وهو الذي يتولى الآن قضية الأرض التي اغتصبها ذاك المستشار.. لعله يتصل ليبشرنا بجديد في القضية.. لا تقلقي يا ابنتي..سأذهب للصلاة لم يبقَ الكثير على صلاة الظهر.

تتنهد بارتياح حقيقي فتبدو تنهيدتها كأنها ردت إليها روحها لكن.. يبقى القلق موجوداً من وجود حسام في حيز حياتها.. بينما يقف ربيع مكانه لتهتف به باعتراض:
_لا.. لن تخرج.. لم يسمح الطبيب بعد.. مناعتك لا تزال ضعيفة.

_ياابنتي.. يشق عليّ أن أسمع نداء الله ولا ألبيه في هذا العمر.. بعد كل هذه السنوات التي ابيض فيها شعري شعرة شعرة لم أخلف فيها موعد صلاة في المسجد في حر أو برد.. في سراء أو ضراء.. الآن أفعل ؟! أخشى أن تكون شارة سوء خاتمة!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن