💜الطيف التاسع والثلاثون💜

5.7K 200 27
                                    



الطيف التاسع والثلاثون
======
*بنفسجي*
======

في صالة البيت الساحلي تقف ديمة مكانها تغزل على النول بحماس منفعل كأنها تقاوم هذا الصراع داخلها بكل قوتها..
صوت هدير البحر من الخارج يثير خوفها فتكتم شهقات بكائها وهي تترك ما بيدها لتغلق النافذة ثم تشد ستارها بقوة كي لا تسمع..
لكن الصوت يدوي في أذنيها أكثر كأنه ينبعث من داخلها..
البحر.. القارب.. الدم..

يرتجف جسدها بدموع تكتمها وهي تعود للنول تحاول أن تعيد الغزل لكن طوفان الماضي يجرفها من جديد..
أناملها ترتجف بعصبية وهي تقاوم بكل طاقتها لتخذلها دموع خوفها في النهاية!
لكن..
زخة عطر!
زخة عطر تفوح جوار عنقها مع شعورها بكفه على كتفها لتلتفت نحوه بلهفة..
الرائحة المميزة تداعب أنفها فتتذكر ما قاله لها يوماً عن هذا العطر بالذات..
ابتسامة يعرفها قلبها ولا تصل لشفتيها وهي تستعيد كلماته عن هذا العطر الذي سماه (عطر الأمان)..
لا تعرف من أين أتته الفكرة وهل هي من نصائح كنان أم لا..
لكن ما تثق به أنه كل مرة يجد أثره في روحها كلما تشبعت به حناياها..ليكون لها حقاً عطر الأمان!
تأخذ نفساً عميقاً مغمضة عينيها كأنما تتخذ منه درعاً تقاوم به هواجسها!

_لماذا أغلقت النافذة؟!
يسألها بحنان قلق وهو يمسح بقايا دموعها لكن جرحها النازف يجعلها ترد بتحفز مفاجئ لم تملكه:
_كنت تدعي النوم؟! كنت تراقبني خلسة؟! تخاف أن تؤذيك المجنونة من جديد؟!

تقولها وهي تبتعد بعصبية لتعطيه ظهرها لكنه يدير كتفها نحوه وقد بدا متفهماً لهذه الانفعالات ليرد بهدوء:
_لا أراقبك خوفاً منك بل عليكِ.. ظننتنا تجاوزنا هذا منذ زمن!
_لا.. لم نتجاوزه.. ليس قبل أن تسمع.. قبل أن أحكي.. أصرخ بكل هذا الذي يشتعل في قلبي..
تهتف بها بانفعال ولا تزال تبتعد بحركاتها العصبية..
لكنه يجزيها عن البعد قرباً وهو يتحكم في انفعالاته بقوة يحسد عليها قائلاً:
_وما يمنعك؟!

تتوقف مكانها فجأة لتشتعل حلقة الزعفران في عينيها كأنما أضرمت في روحها النيران..

_ما يمنعني؟! ما يمنعني؟!

تتمتم بها مراراً بشرود بدا وكأنه عاد يلتهم كيانها كله قبل أن تتلفت حولها لتشير بسبابة مرتجفة نحو مرآة بعيدة..

_تريدين أن أبعدها من هنا؟!

يسألها بقلق حذر لتهز رأسها نفياً وهي تتمتم بخفوت كأنما تكلم نفسها :
_سأفعلها! .. أنا قوية كما كان يقول جدي.. قلبي يعرف خريطة كنز سكينته كما تقول هالة.. الشمس لا تنطفئ كما تقول أنت.. سأفعلها.. سأفعلها..

يقترب منها أكثر بقلق ليراها تتحرك نحو المرآة لتتوقف على بعد خطوة منها كأنها تخشى أن تواجه صورتها فيها..
يقف مكانه بتردد بين أن يدعمها أو يتركها لتتخذ قرارها وحدها..
لكنها تلتفت نحوه لتمد كفها إليه!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now