🤎الطيف الخامس والأربعون/ج2🤎

4.6K 206 15
                                    


الجزء الثاني من الطيف الخامس والاربعين

*******''

*برتقالي*

======

(علمتني الحياة أن كل شيء ليس كما يبدو.. نحن من نجيد خلط المعطيات لنصنع النتائج.. من يدري ؟! ربما في هذه الحالة الستر هو الفضيحة والعكس صحيح! لا تلم نفسك كثيراً وادخر قوتك للأيام القادمة.. أنت ألقيت القنبلة فانتظر ما بعد زوال الدخان)

يتذكرها يحيى بصوت طيف وهو يقف أمام نافذة غرفته في المصحة النفسية التي أودع فيها..
الأيام تمر عليه بطيئة متثاقلة لكنها تشحذ ذهنه بالخطة كاملة..
الخطة التي بدأها هو منذ أقنع طيف أن تغادر العراق وتستغل الشرط المكتوب في قسيمة زواجهما لتطلق نفسها كي يمنح استبرق الشعور بالأمان الزائف..

_الكارثة لم تكن في خيانة الشرف فحسب.. أنا تتبعت حسابات الشركة منذ أيام غيث شقيقي.. كنت أظنك سجنته ظلماَ لكن الحقيقة انكشفت أمامي.. هو واستبرق كانا يقومان بتزوير بعض الحسابات.. لا.. ليست سرقة.. الأمر يبدو وكأنه غسل أموال لصالح مؤسسة ما.. ربما هذا ما يفسر قوة نفوذها حد تمكنها من تزوير
تحاليل dna والتقارير الخاصة بك في المشفى.

يتذكرها كما سمعها من إلياس الذي يشاركه خطته بصمت فينعقد حاجباه وهو يفكر..
لم يتوقع منذ شهور وهو يعمل ليوقع غيث الأمين ويلقي به في السجن أن تكون استبرق كذلك متورطة معه..
ولن يكون الإيقاع بها سهلاً مثله!!

_مؤسسة الأمين هي ميراث العائلة لأكثر من ثلاثين عاماً ولن نكون الجيل الذي ضيعها..

يتذكرها كذلك بصوت إلياس فتلتمع عيناه وهو يشعر ببعض التشوش..
لكنه يتذكر عبارة عاصي الرفاعي..

(سر النجاح أن تحدد الهدف أولاً دون أن يشتتك صراخ الألوان حوله.. لو أجدت تحديد الهدف فقد اختصرت نصف الطريق)

فيهمس لنفسه بخفوت :
_يحيى.. ابن العائلة الضال.. عاد لأجلها.. العائلة.. العائلة هي الهدف يا يحيى.

يزداد بها انعقاد حاجبيه بحسم وعقله الدؤوب يحاول استكمال خطته..
تلك الخطة التي تقتضي أن يخرج من هنا أولاً كي يكتمل نسج الخيوط كلها..

تنقطع أفكاره وهو يسمع الباب يُفتح..
زيارتها "السابعة" له!

كعادتها لا تمل ولا تكل حتى تصل لبغيتها..
وكعادته يجيد استغلال ثغرات خصمه..
وما أقسى أن تتحول (الأم) ل (خصم)!

يرسم على ملامحه أمارات انهيار بائس وهو يلتفت نحوها فتتقدم نحوه لتتنهد وهي تتأمل ملامحه المنهكة.. ذقنه التي استطالت بعشوائية مع خصلات شعره.. وعينيه الزائغتين بضياع لتلوح بكفيها هاتفة بانفعال:
_ما الذي ستجنيه مما تفعله؟! هل تظنني سعيدة برؤيتك هكذا تضيّع عمرك بيديك؟!
يرمقها بنظرة تردد (مصطنعة) ثم يشيح بوجهه دون رد لكنها تعتصر كتفيه بقبضتيها هاتفة :
_لا.. لن ترفض ككل مرة.. ستوافق هذه المرة يا يحيى.. ستطيعني وأنت تعلم أنني أكثر من تحبك في هذه الدنيا.. أكثر من تحبك وأكثر من ستعتني بأمرك.. كلهم تركوك.. كلهم باعوك.. وحدي أنا بقيت جوارك.
ينجح في كسو ملامحه بحسرة وهو يهز رأسه بألم مصطنع فيعلو صوتها أكثر وهي تكاد ترجه بين ذراعيها :
_انفض عنك هذا الوجع الذي لا يليق بك.. اخرج من هنا ودع الجميع يرون من تكون وما الذي يمكنك فعله.. أطعني يا يحيى وأعدك أن تكون فوق الجميع.. فوق شجون وابنتها.. فوق إلياس الذي انشغل عنك بالمؤسسة كأنه تنفس الصعداء بإزاحتك من طريقه..بل وفوق تلك السخيفة التي تزوجتها لتلقيك خلف ظهرها عند اول مصيبة واجهتك.. أطعني يا يحيى.. أطعني وأعدك أن تربح أضعاف أضعاف ما خسرته.. عساك تعلمت أن لن ينفعك غيري.. أنا.. أنا أمك يا يحيى.
كلماتها تتارجح بين (ترغيب) عاطفتها و(ترهيب) سطوتها بخبرة قديرة لا تجيدها امرأة سواها..
فيسبل جفنيه بحركة قديمة كان يفعلها في صغره عندما كانت تنجح في إقناعه بما يرفضه.
هنا يرتجف قلبها بأمل وهي تحتضن وجهه براحتيها قائلة بعاطفة حقيقية :
_أنا أقرأها في عينيك.. أمك تفهمك كالعادة.. أنت ستطيعني يا يحيى.. ستنسى الماضي ولا تلتفت إلا للغد.

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now