🔶الطيف العاشر🔶

5.6K 157 8
                                    


الطيف العاشر
======
*برتقالي*
======

_تدللي!
الكلمة السحرية تدوي في أذنيها بطنين لذيذ ..مريح ومتعب!!
خمسة حروف فقط تجتاحها بما يشبه "القصف" ..
فتتلقاه بما يشبه "السُكنى"!
كيف يمكن هكذا أن يتجلى معنى "الاستيطان" في قلبٍ سأم أن تلفظه كل البلدان ؟!
هل قالها حقاً أم أنها توهمتها من فرط ما تمنتها ؟!!

"القضبان" تعود لترتفع في عينيه العنيدتين فيزداد "سديم" عينيها فوضوية ..ولمعاناً !!
شفتاها تنفرجان مع تعلق نظراتها بعينيه اللتين أغمضهما بسرعة كأنه هو الآخر يتعجب كيف خرجت منه الكلمة "العادية" بهذه الحميمية "غير العادية" !

يراها تتجاوزه لتغادر الشرفة مبتعدة بسرعة واهمة بفظاظتها المعهودة..
لكنه كان يقرأ -بخبرته- ما يعنيه تشبث أناملها -المتشنج-بسلسلته !

_مجد ستبيت معي ! انصرفوا الآن كي تستريح!
تهتف بها بخشونة لا تتكلف المجاملة فيرتفع حاجبا نزار بهتافه المرح كعهده :
_مستحيل! "السندباد" وافق؟!

تتعجب لوهلة من وقع الاسم على أذنيها لكن شعورها بالخجل مما خلف سؤاله يغلبها فتترجمه طبيعتها لعبارتها الخشنة :
_عندما أكرر كلامي مرتين فالثانية كالعادة لا تكون جيدة الأثر على الآخرين!

تكتم الخادمة ضحكتها فيما يزم نزار شفتيه وهو يتخصر ليهتف مدارياً حرجه :
_أتمنى أن تعجبكِ هديتي !

لا تدري لماذا شعرت بطيف من التوعد في كلماته لكنها لم تبالِ على أي حال ..
خاصةً و"السندباد" -بزعمه- ينحني على ركبتيه أمام الصغيرة قائلاً بنبرته المنهكة :
_ستبيتين هنا الليلة .
لم يبدُ وكأنه يسألها عن رأيها خاصةً مع هذه السعادة التي كانت تتقافز على وجهها ..
والتي تراجعت مع مسحة خوف طفيفة ناسبت قولها وهي تتعلق بذراعيها في عنقه :
_ستكون أول مرة أبيت فيها بعيدة عنك.

_لو لم تكوني راغبة ..
يقولها وهو يربت على ظهرها مطمئناً لكنها تقاطعه بالتفاتها نحو طيف هاتفة ببراءة:
_ألا يمكن أن يبيت "بابا" معنا؟!

ضحكة نزار العالية تزيد من حمرة وجنتي طيف التي رمقته بنظرة أجبرته أن يبتلع بقية ضحكاته ..
نظرة صارمة ناقضت قرع الطبول الذي كان يدوي بين ضلوعها ..
الصغيرة مرتاعةٌ من أول ليلة تبيت فيها بعيداً عنه ..
وهي مرتاعة من أول ليلة تبيت فيها مع أحد !!
أجل ..لقد اعتادت وحدتها حتى ألفتها وصار ما دونها غربة !!

تراقبه وهو يعانق مجد بهذه الطريقة التي تكاد تذيب أوصالها ..
ورغماً عنها تجد نفسها تقارنه بحسام من جديد ..
الغريب أنها في علاقتها بحسام لم تكن مهتمة بهذا الجانب المادي الملموس من العاطفة ..
كانت تتأفف حتى من مجرد مصافحة باليد بينهما ..
كانت -ببساطة- تخاف!
تخاف أن تنجرف لتلك الهاوية التي سقطت فيها أمها يوماً!!
لكنها لا تدري لماذا مع يحيى تتوق لعناق يشبه هذا الذي يمنحه لمجد ..
تتوق للمسة أنامله الحانية كما يفعل بوجنتيها ..
تتوق لهذا الحنان الذي تترجمه أفعال لا أقوال ..
ربما هو ليس توْق امرأة لرجل إنما ..توْق طفلة لأب!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now