💜الطيف الحادي عشر💜

6K 138 9
                                    


الطيف الحادي عشر
======
*بنفسجي*
======
_رأيته يا هالة ..جلست معه ..
تقولها ديمة في بيتها الجديد أمام مرآتها وهي تتحسس فردة القرط ..
أشباحها كالعادة لا تفارقها ..
مدينة الموتى التي صارت أحد ساكنيها !

تستعيد لقاءها بحسام ويكرره ذهنها كشريط عرض متواصل ..

_أول مرة أراه بعيداً عن تحفظ مظهره في مكتبه ..وسيمٌ حقاً كما كنتِ تقولين لكنه جمال الأفعى بنعومة مظهرها وخطورة سمها ..لا أزال عاجزة عن إطالة النظر نحوه ..وكيف وأنا أرى بعينيه كل أشباحي ؟! أنتِ وغازي وأنا؟!! تراني لو أطفأت بريق هاتين العينين أنجو بنفسي من هذا كله ؟!!

الشبح الأبيض يختفي ليظهر الأسود ..
يسخر من سقوطها ..بقعة الطين التي لوثت ثوبها يومها ..
هروبها المرتبك ..

_جبانة كما عهدتك ! عن أي انتقام تتحدثين؟! أنتِ أضعف من أن تؤذي بعوضة !!

صفعةٌ لا تراها إنما تشعر بها على وجنتها فتحيط وجهها بكفيها ..
نعم ..هي هربت ..
ربما جبناً ..
ربما ضعفاً ..
وربما هذه "النظرة الآدمية" التي رأتها في عينيه نحوها ..
نظرة طالما افتقدتها في عيون الناس!!
نظرة منحها إياها أديم يوماً قبل أن يغلفها شعورها بتسلطه وتقييده لها ..
ومنحها إياها عاصي وماسة إنما كذلك مغلفة بما تراه منفعة ..
ومنحها إياها سند ..إنما مرشوشة بالوجع ..بالفقد ..بوهن يشبه وهنها ..
إنما نظرته "المربكة" جعلتها تشعر أنها ..
أنها -ربما- لا تنتمي لمدينة الأشباح كما تظن ..
وأنها تصلح للرؤية !!

هل كان يشفق عليها حقاً؟!
وهل لوحش كهذا أن يعرف الشفقة ؟!
أم أنه مجرد انجذاب رجولي لجمالها المشئوم الذي هو لعنتها؟!
لا تعرف ..لا تفهم ..
كأنما هي هي ..نفس الفتاة الهاربة فوق القارب الذي يشق عرض البحر تستقبل الموج بلا حول ولا قوة ..
لكنها وإن عجزت عن إدراك كل شيئ ..
فهي عن تلك "النظرة" ليست بجاهلة ..
ربما لأنها أكثر ما افتقدته منذ رحلت عن الوطن ..ورحلت هالة عنها !

صوت رنين الجرس يقاطع أفكارها فتنتفض مكانها ..
أشباحها تختفي فتشعر بمزيج غريب من وحدة وراحة ..
تتحرك لتفتح الباب ..

_سند!

تفتح ذراعيها للصغير الذي يرتمي في حضنها بكلمته اليتيمة :
_ماما .

يلوح لها ب"البطة الصفراء" بين أنامله فترتجف ابتسامتها وهي تواجه ماسة التي تقدمت منها لتتفحص ملامحها قائلة :
_ينقصك شيء هنا؟! عاصي أوصاني أن أسألك .

تسبل جفنيها بحقد لا تملك ردعه رغم لطف العرض ..
_شكراً ..
تقولها ولا تعنيها ..
لكن ماسة تشعر بكدر العلاقة بينهما ولا تلومها ..فلا يزال في صدرها منها شيء لا يريحها ..
دمية جميلة لكنها مخيفة !!
مخيفة بهذا الشحوب الذي يظلل ملامحها كأنها جثة !!
بهذا الحقد الكاره الذي يبدو غريباً وسط فضاء وجع وضعف!
مجروحة !
تعلم أنها كذلك ..لكنها كانت مثلها يوماً فلماذا لا تشعر أنهما متشابهتان !!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now