💚الطيف السادس💚

4.7K 170 6
                                    



(الطيف السادس)
=====
*أخضر*
=====
_ليس صحيحاً ! ليس صحيحاً!
كانت تهتف بها بما يبدو كالهذيان وهي تغادر غرفتها نحو غرفته في المشفى شبه راكضة ..
دموعها تشوش رؤيتها فتتعثر حركتها عدة مرات لكنها لا تبالي ..

صورة في مرآة قريبة تخبرها كم تشوه وجهها بأثر الضربات لكنها لم تكن ترى..
تسمع بعض الهمهمات الفضولية حولها باسم عزة الأنصاري لكنها -ربما- لأول مرة لا تنتشي بهذا الفخر ..بل تلعنه!
تنتهي خطواتها أمام غرفته فتقف برهبة مكانها تخشى الدخول ..

_ليس صحيحاً ..ليس صحيحاً !
تعاود التلفظ بها كأنما تحيلها من رجاء لواقع!!
كأنما تكفي وحدها لطمس الحقيقة !!

_لا تدخلي!
تلتفت مجفلة نحو مصدر الصوت فتقترب منها المرأة الباكية لتردف بصرامة رغم انهيارها:
_هو لم يسترد وعيه بعد !

_هل ..هل ..صحيح؟!
تتلعثم حروفها وهي تتبين شخصية أمه فقد أراها إيهاب يوماً بعض الصور لهما ..فتنخرط المرأة في بكاء حارق للحظات تجد نفسها تشاركها فيه وهي تمد أناملها نحو كتفيها لكن أمه تنفض ذراعيها عنها لتهتف بحرقة :
_أنا مؤمنة بقضاء الله وقدره ! لكن ..بلطجة واعتداء !! ابني لم يعرف هذه الأشياء طوال عمره ..طالما كان مسالماً يحب الناس ويحبونه ولا يميل للمشاكل ..والآن تناله هذه المصيبة بسببك !!

تغمض عزة عينيها بألم وهي تترنح مكانها للحظة فتستند على الحائط المجاور لها تتشبث فيه بكفيها ..
إذن..فالخبر صحيح!!

_يا ويلي! يا ويلي!!
تتمتم بها بصرخات خافتة وكفاها يزدادان تشبثاً بالجدار خلفها فيما تردف أمه بين شهقات نشيجها الباكي:
_ابني ضاع! سيعيش طوال عمره بهذا الشكل! سيخسر عمله الذي طالما أحبه وتفاخر به ! ابني الذي طالما تباهى أنه لا يبالي برأي الناس في شكله ..هل سيقوى الآن على قولها ؟!

_يا ويلي! يا ويلي!!
لا تزال تتمتم بها مغمضة العينين وهي تكاد تفقد وعيها ..
ليس هو فقط من سيعيش بعاهته طوال عمره ..
هي كذلك ستعيش بذنبه طوال عمرها !!
ليتهم آذوها هي وتركوه !
ليتها لم تقبل مقابلته في تلك الليلة !!
بل ليتها لم تعرفه يوماً ولم يعرفها!!!

أفكارها تنقطع وهي تسمع صوت الغرفة يفتح لتخرج منه الممرضة هاتفة :
_أفاق!
تندفع أمه راكضة نحو الداخل فيما تشعر هي أن قدميها عاجزتان عن حملها ..
_ياويلي!! يا ويلي!!
تهمس بها وهي تلطم خديها ببعض العنف شاعرة بظهرها يكاد يهوي ملتصقاً بالحائط خلفها لكن الممرضة تمسك ذراعيها بقوة تسندها لترفعها هاتفة بإشفاق:
_تماسكي كي تستطيعي معاونته ..هو يحتاجكم جميعاً الآن أقوياء جواره .
تهز رأسها مصدومة وهي تشعر بالممرضة تدفعها برفق نحو الداخل ..
ترى أمه منكبة فوقه بجسدها تقبل كفه وسط دموعها فيما يبدو هو مذهولاً ولايزال وجهه يحمل أمارات الصدمة ..
تلتقي عيناه بعينيها لأول لحظة فتترنح مكانها لتراه يحاول النهوض برأسه كأنه سيسندها!!
حتى وهو في هذا الحال!!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now