💜الطيف الخامس💜

5.5K 175 9
                                    



(الطيف الخامس)
=======
*بنفسجي*
======
_أديم !
الأرض تدور بها وهي تتفرس ملامحه للحظات قبل أن تهتز المرئيات في عينيها لتشعر بنفسها تسقط ..
لكنه يتلقفها بين ذراعيه وعيناه النافذتان بقوتهما المعهودة تشتعلان بعاطفة طالما أنكرتها ..
فهل لها بعد الآن نكران؟!

_ديمة ! تماسكي! أرجوكِ ! أنا والله اكتفيت من قلقي عليكِ !
يهمس بها بحرقة وهو يضم جسدها النحيل إليه عبر صوته الذي يمزج صرامته بحنانه ..
يغمض عينيه بقوة مقاوماً شعوره العاصف بها الآن بين ذراعيه ..
حبيبته صارت حرة ..
لكنه هو لايزال مقيداً !!
مقيداً بهذا الوزر الثقيل على كتفيه !!
قلبه يهدر بعنف وهو يشعر بخفقاتها تجاور خفقاته ..
إنما بطيئة واهنة مثلها لا هائجة مدوية مثله !!

يجلسها برفق فوق المقعد القريب ليربت بكفه برفق على وجنتها بينما أنامله الحرة تمسد معصمها متفقداً نبضها ..
يراها تفتح عينيها من جديد باستماتة كأنما تحمل جبلين فوق جفنيها ..
فيزدرد ريقه بتوتر وهو يقترب بوجهه من وجهها هامساٌ :
_لا تخافي ! لن أسمح لأحدهم أن يؤذيكِ بعد اليوم ..فقط تماسكي !

ترتجف شفتاها بتمتمة هي أقرب للهذيان فيتناول كوباً من العصير يقربه من شفتيها الجافتين وهو ينحني نحوها مع همسه :
_اشربي ولو قليلاً .
تعاود إغماض عينيها باستسلام وهي تشعر بالقطرات سكرية الطعم تناقض كل هذه المرارة داخلها ..
ألف سؤال وسؤال يملؤها لكن الخوف الذي يكتسحها يجعلها لا ترغب سوى في أن تبقى مغمضة العينين هكذا ..
مستسلمة لهذا الأمان المؤقت الذي يعدها به !

لم تنتبه أنها انتهت من شرب كوبها كاملاً إلا عندما شعرت به يبعده عن شفتيها ..
لتكتشف الآن فقط كم كانت ظمأى !!
ظمأى ليس فقط لشرابه بل لهذه النظرة "الآدمية" التي يرمقها بها !!
النظرة التي افتقدت مثلها منذ عهد بعيد !
ربما منذ فقدت هالة وبدأت عهد عبوديتها مع غازي!!
لهذا تعاود فتح عينيه لترتشف المزيد منها من عينين بهذا السخاء ..
ثم تنفجر الدموع من عينيها فجأة وهي تغطي وجهها بكفيها وصوتها الواهن لا يسعف صراخها :
_ماذا يحدث؟! هل أصابني الجنون؟! هل هو كابوس آخر؟! اقتلوني ولينتهِ الأمر ..اقتلوني كما قتلته !
_لم تقتليه يا حمقاء!

تزيح كفيها عن وجهها ببطء وهي تشعر بالصدمة ..
ليس فقط من لهجة هتافه الصارمة هذه والتي يحدثها بها لأول مرة هكذا ..
إنما مما تلاها :
_لم أكن لأترككِ تؤذينه وتؤذي نفسك ..أنا راقبتك ذاك اليوم الذي خرجتِ فيه لتشتري تلك المادة خلسة ..عرفت محتواها وبدّلتها في نفس اليوم ب"ملح طعام" عادي .
_ملح طعام؟!
تتمتم بها مصعوقة وهي ترمق ملامحه السمراء بذهول تتذكر أن غازي كان حقاً يصف الطعام بأنه ازداد ملوحة !
بينما يزفر زفرة قصيرة وهو يشيح بوجهه ليستقيم بجسده واقفاً مع قوله :
_غازي لم يمت مسموماً ..مات مختنقاٌ ..أحدهم استغل غيابي معك ليلتها ليقتحم البيت ويخنقه وهو نائم كالثور! تعب كل هذه الشهور ضاع هدراً !
كانت حروفه تقطر غضباً جعلها ترتجف مكانها بخوف خاصة وهي تراه بوقفته الشامخة وقد أشرف عليها من علوّ بطوله الفارع وهيئته المهيبة الغريبة عنها ك"شبح" جديد يسكن مدينة أشباحها التي ما عاد لها سواها مقاماً!
خوف طغا على ذهولها وصدمتها بما يقول!!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora