💙الطيف الرابع والعشرون💙

5.3K 165 11
                                    



الطيف الرابع والعشرون
======
القلب يعزف ألف لحن للوجع...
الفارس المشهود فوق جواده...وقع!
وأنا المذبوح بين أمسي وغدي ...
أترنح... فارداً يدي...
أدور خلف الطائفين حول صنم الوهم مدعياً خشوعي..
لكن قبس النور لازال يبزغ من ضلوعي...
عودي إليّ حقيقتي فكم مللت خداع المرايا!
(جهاد)
========
على متن الطائرة العائدة من مصر للإمارات وبالتحديد ل"أبو ظبي" يتخذ مقعده ..
أنامله المشتعلة تشد على حزام أمانه وهو يدير وجهه نحو النافذة ..
هاهو ذا يترك "النيل" خلفه ..
النيل الذي ظنه يوماً منبع الأمان والعطاء فلم يكن له إلا فيض غدر !
ينعقد حاجباه بشدة وملامح زهرة تتشكل حتى أمام عينيه المغمضتين ..
تعيره بأنه دوماً مخدوع !
هو الذي ما عشق صورته يوماً كما عشقها في عينيها ..
الآن ..يكرههما معاً!!

تدمع عيناه باشتياق لم يذبحه غضبه وابتسامة مريرة تحتل شفتيه ..
كيف يطمح أن يستعيد وطنه الأعظم إذا كان وطنه الأصغر قد خانه ؟!
كيف يؤمن بالحب من جديد وقد باعته "سيدة الحب" في أول اختبار وبأبخس ثمن "؟!
لو جرت الأمور كما خطط لها لكانت الآن عائدة معه عروسه وأم أولاد الغد ..
لكانت الآن جواره على الكرسي بدلاً من ...!

_تفكر فيها؟!
صوت يولاند "المعتاد" يصله إنما "غريب" ككل شيء صار حوله !!
لا يزال يذكر لقاءه بها ذاك اليوم في بهو الفندق بهيئتها الغريبة على "فدوى" التي اعتادها ..:

_فدوى؟!
_بل يولاند يا جهاد ..يولاند ..

صوتها بلغته الفرنسية وبثيابها المكشوفة يذكره "ظاهراً" بيولاند التي قابلها أول مرة منذ سنوات ..إنما دون تألقها المتوهج وقوتها الظاهرة ..
ونظرة عينيها الكسيرة "باطناً" تذكره بفدوى التي تركها خلفه مع ريان ..
عقله يرسل إليه بالمزيد من "شرارات الخطر" لكنه يتجاوزها وهو يسألها مصدوماً:
_هل أتيت وحدك ؟! أين ريان والأولاد ؟!
_قتلهم !

لوهلة هيئ إليه أنه لم يسمع !!
يقترب منها خطوة دون وعي وهو يكرر سؤاله فتملأ الدموع عينيها الزائغتين وابتسامة عصبية تذبح شفتيها مع كلماتها الفرنسية :
_يقولون ..يقولون إنه قتلهم ..لكنني لا أصدقهم ..أولادي نائمون هناك ..هناك في فراشهم تحت التراب ..أنا غنيت لهم أغنية النوم ..وسيستيقظون عندما أعود ..

تنهار تماماً مع كلماتها الأخيرة لتنخرط في بكاء حاد يجذب إليهما الأنظار فيكتم صرخة خافتة شقت صدره و قلبه ينقبض بعدم تصديق لما ترويه ..
لا ..لا يمكن أن تعني هذا الذي فهمه !!!
يشير لها جانباً كي يجلس أمامها على كرسيين متقابلين ..
يخشى أن يعيد سؤاله عن يسألها بصوت مرتجف :
_اهدئي ..اهدئي وأخبريني ماذا حدث ..كيف تركك ريان تسافرين وحدك ؟!
_كما ترك كل شيء خلفه ! أنا وأولاده وحتى أنت !
تقولها بعصبية وهي تمسح وجهها بأناملها المرتجفة فيزداد انعقاد حاجبيه وهو يتمتم بالسؤال الذي لم يرد تصديق جوابه :
_ماذا تعنين ؟! ريان هو من أبلغ إدارة المشفى حقاً عما حدث معي؟!
_نعم ..تدري لماذا فعلها ؟! لأنه رأى نفسه أحق بالوظيفة منك إذ أنه صاحب عائلة ..عائلة ضيعها بجحوده وغدره ..

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Onde histórias criam vida. Descubra agora