🔶الطيف الثامن🔶

5.3K 171 6
                                    



الطيف الثامن
=====
*برتقالي*
=====
_حمداً لله على سلامتك !
تهتف بها حسناء بودّ مرح وهي ترى طيف تفتح عينيها لتدور الأخيرة ببصرها في المكان محاولةً فهم ما حدث بينما حسناء مستمرة في ثرثرتها :
_لم أركِ منذ زمن طويل ..لكن زهرة لا تكف عن الحديث عنكِ ! تعلمين أنها عادت إلى مصر لتتزوج جهاد ؟! أسطورة "النحس" خاصتنا تنهدم ..لم يبقَ في شلتنا سواي أنا وأنتِ!

تقولها بشقاوتها المعهودة وهي تتذكر تلك الصدفة الغريبة التي جمعت الستة هنا في "أبو ظبي" منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات ..
حسناء ،زهرة ،طيف ،دعاء،ماسة، جنة (أيام كانت مريم !)!

_كلهن عُدن إلى الوطن برجل يملأ العين ..العقبى لنا!
تهتف بها حسناء وهي ترفع كفيها في وضع الدعاء لترد طيف بفظاظتها المعهودة التي غلبت وهن صوتها :
_اخرسي! عودي أنتِ برجل أو حتى خنفساء لكن لا شأن لكِ بي! فليذهب رجال العالم كلهم للجحيم !
تضحك حسناء ضحكة عالية وهي تعدل لها وضع وسادتها لتساعدها في النهوض هاتفة بمكر :
_صحيح؟! لم أصدق أذني عندما أخبرتني زميلتي في مكتب الاستقبال أن طيف الصالح وصلت المشفى محمولة بين ذراعي رجل!

_ماذا؟!
صرختها الحادة تجفل حسناء للحظة قبل أن تنفجر ضاحكة من مظهرها بينما تكون طيف في وادٍ آخر تحاول تذكر ما كان قبل سقوطها ..ولاتزال حسناء مستمرة في ثرثرتها :
_وليس أي رجل! صاروخ أرض جو! زلزال بقوة خمسين ريختر ..بل مائة ريختر..أوه ! قلبي!

_اخرسي! اخرسي! أي مصيبة ألقت بك في طريقي اليوم ؟! هل عدم المشفى ممرضاته لتكوني أنتِ قدري؟!
تهتف بها طيف بحدة ساخطة فتتمالك حسناء ضحكتها وهي تطمئن لوضع المحلول الذي يسري عبر عروق صاحبتها المستلقية بوهن يناقض كل هذه الفظاظة التي تنضح منها ..

_العفو! لا شكر على واجب ! نحن صديقتان!
تهتف بها حسناء مغيظة إياها وحاجباها يتراقصان بمشاكسة لتهتف طيف بوجه مشتعل:
_اذهبي من وجهي..شياطين الدنيا كلها تتراقص في عيني الآن!
_صحيح؟! فلنستدعِ إذن الملاك الذي سيصرفهم !
تقولها حسناء بهيام مصطنع وهي تضم كفيها نحو صدرها لتعاود الضحك وهي تسمع سيل السباب الذي غادر فم طيف كطلقات مدفع رشاش ..
تتراجع بظهرها نحو الباب الذي فتحته لتخرج وتغلقه خلفها مع ضحكاتها الماكرة ..

فيما تغطي طيف فمها بكفها وهي تكاد تنفجر غيظاً ..وخجلاً!
هو حملها بين ذراعيه !!
ماذا عساه يظن فيها الآن؟!
في بلدتها بالصعيد كانوا يعدون مرض المرأة عيباً يعيرونها به !
هي بالذات كبرت وهي ترى أمها تعتبر مرضها فضيحة تخفيها كي لا يحرمونها من العمل في البيوت !
كبرت وهي تراها دوماً تدعي العافية ..حتى كان ذاك اليوم الذي سمحت لنفسها فيه بالسقوط تعباً ..فلم تقم بعده أبداً!!
"الدمع العزيز" يتكدس في عينيها وهي تتذكر يوم وفاة أمها ..
وقوفها هي ذاهلة شاخصة البصر وقد أدركت لأول مرة في حياتها معنى أن تواجه سهام النصيب وحدها ..دون درع يقي أو ظهرٍ يحمي !
لهذا تهاب المرض ..ربما بأكثر مما تهاب الموت!!

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now