💚الطيف الخامس والعشرون/ج2💚

4K 171 15
                                    



الجزء الثاني من الفصل الخامس والعشرون
********

في حديقة قصر الرفاعي تجلس حسناء شاردة الذهن تفكر في زهرة ومصيرها ..
لو كانت مكانها لما سمحت أبداً لكل هذا أن يحدث ..
حتى لو كان يومها الأخير ..حتى لو كانت لحظتها الأخيرة ..
كانت ستقضيها مع "من تحب" لتأنس وتؤنسه بآخر أنفاسها ..
لكن ما أدراها هي عن الحب ؟!
هي عاشت هذا العمر تبحث عن "الزواج" فحسب ..
الزواج ممن يكفيها شر الغربة وقسوة الوحدة ..
زهرة عاشت الحب كما يكون ..طوال هذه السنوات وهي تعشق جهاد من طرف واحد راضية بأن يكون "فرحة عالمها الموازي" التي يحرمها منها الواقع ..
ربما لهذا تقبلت صاغرة أن يعود الآن وضعهما لما كان عليه !!

_غبية ..غبية ..

تهتف بها بضيق وهي تتناول هاتفها وشعورها بالمسئولية نحو زهرة يدفعها للاتصال بجهاد وإخباره الحقيقة ..

_كيف صدقت أنها تخلت عنك أيها الغبي الآخر ؟!

تعاود الهتاف بها بصوت مسموع لكنها تتنهد بحرارة وهي تجد له العذر ..
إذا كان صديقه المقرب طوال هذه السنوات قد خانه فلماذا لا يصدق أن زهرة هي الأخرى قد فعلتها ..؟!
مسكين جهاد ..الطعنات المتتالية لظهره العاري جعلته يسقط على وجهه ..
أما زهرة ..فتحاول أن تتلقى ضربتها بصدر مفتوح ..بشجاعة امرأة عاشت وستموت مقاتلة ..تمنح أكثر مما تأخذ ..
"نيلية" كما كان يسميها جهاد ..نهر عطائها لا يتوقف !

صوت رنين هاتفها يقاطع أفكارها ..
جهاد !!
يالله !! كأنه شعر بحيرتها !!
تفتح الاتصال لياتيها صوته مرهقاً ..مرهقاً كما لم تسمعه من قبل ..وغاضباً ..غاضباً كما لم تسمعه من قبل ..

_زهرة سافرت حقاً ؟!

تزدرد ريقها بتوتر وهي تضغط زر تسجيل المكالمة بينما تتذكر ما تفعله زهرة كل يوم ..تشارك بتلك المنشورات على حسابها الشخصي الذي توقن أنه يتتبعه لتتحدث عن سحر البدايات الجديدة ..وعن رغبتها في الغد الأفضل مع صور عديدة قديمة لها لم تسبق له رؤيتها كي توهمه أنها تجاوزته وتعيش بصورة طبيعية ..
لتختم هذا بمنشور الأمس عن سفرها !
زهرة ستسافر حقاً إنما للعلاج لا للعمل أو النزهة !!

_ردي يا حسناء ..مادامت صاحبتك لا ترد ..هاتفها دوماً مغلق ..هل غيرت الرقم ؟!
تصمت بما منحه الرد بالإيجاب ليهتف بانفعال أكبر :
_وطبعاً طلبت منك ألا تعطيني الرقَم الجديد ! أين ذهبت ؟! أنا سألت عنها في المشفى الذي كانت تعمل فيه هنا وأخبروني أنها هي من طلبت فسخ العقد ..هل وجدت مكاناً آخر ؟!
صوته لا يزال يصب العذاب في أذنيها وهي لا تدري بماذا ترد ..
قلبها يناشدها أن تخبره بالحقيقة ..لكنها تتذكر قسمها لزهرة فتدمع عيناها بعجز وهي تجد نفسها تردد ما لقنتها إياه صاحبتها:
_سافرت لبلد آخر بعقد أفضل .
_ومتى عثرت عليه هذا ؟!
يسألها بشك -بعث بعض الأمل في نفسه في براءتها من ظنونه - لكن حسناء كانت قد أعدت الرد :
_منذ وقت طويل قبل إجازتها الأخيرة لكنها لم تخبرك ..كانت تعدها لك مفاجأة .

من يعيد قوس قزح (الجزء 2 من سلسلة وهل للرماد حياة) لِـ"نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now