3

22 4 0
                                    

[جودي]

عندما كنتُ على وشك الخلود للنّوم، سمعتُ طرقا خفيفا على باب غرفتي. و لمّا فتحتُ الباب وجدت روبي تحتضن وسادتها و تقف مطأطئة رأسها و تنظر نحو الأسفل.

"ما الّذي حدث؟" سألتُ و بوادر القلق بادية على صوتي. "هل كلّ شيء بخير؟"
ابتسمت روبي على الرغم من الحزن الذي كان جليّا على وجهها و قالت "كل شيء على ما يرام."

نظرتُ مطوّلا نحو الفتاة التي كانت لا تزال واقفة أمام الباب بصمت.
"هل أستطيع أن أقضي الليلة معك لو سمحتِ؟" طلبت روبي بخجل بعد لحظات من التفكير.
"أكيد" حاولت تجاوز صدمتي من رؤيتها بتلك الحالة و أشرت إليها أن تدخل. "يمكنك أن تنامي هنا اللّيلة... كما يمكنك أن تتحدثي معي في أي أمرٍ يزعجك."

دخلت روبي الغرفة بخطى هادئة و جلست على حافة السرير، وضعت وسادتها جانبا و نظرت إليّ مستغربة. "ألن تنامي بعد؟"
"ليس بعد" أجبتها من خلف مكتبي و أنا أقلب بعض الأوراق و أدقّق بعض الملفّات. "نامي أولا"

"حسنا" استلقت روبي على سريري و تكورت في شكل جنين مرتعب، أغمضَت عينيها و لم تتكلّم مجددا.

بعد عدّة دقائق قرّرت أن موعد النّوم قد حان و أنه يجب عليّ أن أتوقف عن العمل حالا. خلعتُ السّترة التي كنت أرتديها فوق ملابس نومي، علّقتها في خزانتي و استلقيت بجانب روبي. رفعتُ الغطاء و فردته فوق كلتينا. "هل نمتي؟" سألتُ بصوت خافت.

تحركت روبي بخمولٍ و استدارت نحوي، "ليس بعد".

"ما الذي يزعجكِ؟" تساءلتُ و خوفا مني أن تسيء فهمي أو تعتقد أنني أتطفّل عليها، أضفت "هل يمكنني مساعدتك بشيء ما؟"
نظرت نحوي و ابتسمت. "هل أنا حقّا فتاة غبية؟"

استغربت من سؤالها لكنني أجبتها بالنّفي، "أنت لست غبية عزيزتي. أنت أذكى دكتورةٍ أعرفها." ما قلته كان صحيحا تمامًا. لقد كانت روبي أذكى شخص عرفته في حياتي.

"تقولين هذا لأنك صديقتي."

"كلّا. بل هذه هي الحقيقة." أمسكتُ يدها و واصلت "انظري إليّ روبي، ما الذي حدث؟ هل تشاجرتِ مع والدتك مجددا؟"

"في الواقع... أمّي ليست السبب هذه المرة..." قالت روبي بنبرةٍ خافتة. "إنه لويس" أضافت بتردد.

لويس، خطيب روبي و 'زوجها المستقبلي'، هو طبيب يعمل بالمستشفى العمومي للمدينة. التقيا عندما كانا يدرسان في كليّة الطبّ و تقدم لخطبتها بعد تخرّجمها من الجامعة.

"ماذا فعل لويس هذه المرة؟" سألتُ و الانزعاج واضح على صوتي.

جلستُ على السرير فجلسَت هي الأخرى و رمقتني بنظرات حزينة "لقد قرّر فسخ خطوبتنا من تلقاء نفسه". غلبتها دموعها قبل أن تضيف أي كلمة أخرى.

ضممتها بين ذراعيّ بينما كانت تبكي بحرقة. مسحت على ظهرها بلطف و حاولت جاهدة أن لا أشرع في البكاء أيضا لكن دموعي انسابت رغما عنّي على وجنتاي.

بكت روبي مطوّلا حتى شعرت بالتّعب و نامت. غطّيتها جيّدا و سرت نحو النّافذة التي كانت شبه مفتوحة. فتحتها و سمحتُ للهواء البارد أن يعانقني حتى الانتعاش.

'ستكون ليلة طويلة بالفعل...'

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]Kde žijí příběhy. Začni objevovat