22

11 4 0
                                    

مرّ الليل سريعا و هادئا على غير العادة.. لم أر أيّ حلم أو كابوس، كنت فقط كجثّةٍ تطفو في بحر من السواد، ثمّ استيقظت أبكر من المعتاد بسبب صوت صياح الديوك في المزرعة.

أصرّت سالي على مرافقتي إلى المدينة و لم أستطع رفض عرضها. ودّعنا والديها و ركبنا السيارة. لم تقل سالي أيّ شيئ طوال الطريق إلى المحطة، ظلت تنظر من خلال النافذة بصمت و كأنها تودّع المكان بحزن. عندما وصلنا إلى المحطة ودعت سالي شقيقها و ركبنا الحافلة.

كانت تلك رحلة العودة إلى الواقع بالنسبة لي لكنني كالعادة تحمّلت هذه الحقيقة بهدوء. تنفست بعمق و فتحت فمي لكي أكلّم الفتاة الجالسة بجانبي لكنها سبقتني،

"هل ستعملين لوقت إضافي اليوم؟" سألت سالي التي كانت تنظر إليّ بفضول.

"لا شيء من هذا القبيل.." نفيت الأمر ثم قلت "أنا مدعوة لحفلة..."

قاطعتني سالي قبل أن أكمل "هذا رائع! هل ستذهبين حقا؟ يجب عليك أن تذهبي.. هل لديك فستان مناسب؟ لنذهب للتسوق!" صارت سالي تشعّ حماسا فجأة.

لم أرفض الذهاب لهذه الحفلة فقط لأن داني هو منظمها، لكنني لا أعلم ما نوعها أو من هم المدعوين إليها. لم أفكر في ذلك سابقا، لكنني في حيرة من أمري الآن.. هل أتصل به و أخبره أنني لن أستطيع المجيء؟ فكرت مطولا ثمّ استدرت نحو سالي و سألت، "هل يجب أن أرتدي فستانا؟"

"بالطبع!" قالت بحزم.

"حسنا، سنذهب للتسوق!" ابتسمتُ للفتاة و ابتسمت هي أيضا.

حملت هاتفي من جيب الجاكيت و كتبت رسالة نصية لداني، لكنني سرعان ما مسحتها و دخلت لقائمة الاتصال و أجريت مكالمة. حمل داني السماعة بعد رنة واحدة و كان صوته هادئا على غير العادة.

"مرحبا أيتها الشقية!"

"صباح الخير.. كيف حالك؟"

"بخير و أنتِ؟"

"أنا أيضا بخير.."

"هل اتصلتِ لتخبريني أنك مشغولة و لن تستطيعي المجيء الليلة؟" سألني داني بتهكّم.

"ليس تماما.. لكن بما أنك اقترحت ذلك، لِمَ لا؟"

ضحك داني ثمّ قال "عليكِ أن تأتي، إنه حفل خيري و سيكون هناك العديد من أعلام المجتمع و المشاهير و رواد الاقتصاد و غيرهم.. و لكنّك ستكونين ضيفة الشرف بالتأكيد."

إذا فهذه ليست حفلة عادية.. كان الاتصال بداني أمرا جيدا. "يبدو الأمر كقصّة خرافية.."

"و أنتِ لا تحبين قصص الأميرات، صحيح؟"

"صحيح.." ضحك داني بغرور لأنه لازال يذكر هذه التفاصيل الصّغيرة عني.

"لا تنسى أن ترسل لي شخصا ليُقلّني مساء."

"لا تقلقي.. أنا دائما أفي بوعودي."

لقد نسيت تماما كم هو ممتع التحدث مع هذا الشخص. تعرفت على داني في المرحلة الابتدائية و أصبحنا صديقين مقربين. عندما أتذكر مغامراتنا معا أشعر بأن الكثير من الأمور قد تغيّرت بشكل دائم و مطلق.

طوال الوقت الذي قضيته على الهاتف، كانت سالي تنظر نحوي باستغراب و فضول.. و عندما أنهيت المكالمة انهالت عليّ بالأسئلة.

"أجل، إنه رجل. كان هذا صديق طفولتي داني." أجبت عن سؤالها الأوّل، ثمّ توقفت. ربّتتُ على رأسها بلطف و قلت "أريد فستانا أسود.. لطالما رغبت في ارتداء واحد."

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن