12

9 4 0
                                    

[جودي]

كنت منهمكةً بالعمل على العقد الخاص بمشروع إنتاج الحرير و الذي ستتمّ مناقشته و كذا توقيعه خلال الاجتماع الذي سينعقد مساء اليوم. لقد بدأت بالعمل على بنود هذا العقد منذ بضعة أيام لكنّني اضطررت للتوقف بسبب إجازتي المرضية.

كنت جالسة خلف مكتبي أدرس تطابق مواد العقد مع خطة الانجاز و شروط الشّراكة التي قدّمت لي سابقا. تشوّش تفكيري و فقدت تركيزي حين رنّ الهاتف فجأة، رفعت السّماعة،

"ألو، مرحبا.."

"صباح الخير آنسة جودي. هل العقد جاهز؟" كانت هذه أول مرّة أتلقى مكالمة من نائب المدير شخصيّا. عادةً ما كنت أستلم مهماتي من خلال مساعدته الشخصية جينا. تفاجأت عندما سمعت صوته من خلال سماعة الهاتف، ثم أجبته بعد لحظات من الدهشة،

"ليس بعد سيدي، لكنه سيكون جاهزا خلال ساعةٍ من الآن." كان جوابي سلِسًا على الرغم من التّوتر الواضح من خلال نبرة صوتي.

"حسنا. أحضريه إلى مكتبي حالما تنتهين منه. أريد مراجعته معك قبل الاجتماع." قال وائل ثم أغلق الخط.
بعد انتهاء المكالمة، عدت أصيغ بنود العقد و أطبعها على الحاسوب. كانت بعض البنود غير مكتملة و أخرى غير واضحة لذلك كان يجب إعادة صياغتها.

كوب القهوة الذي طلبته صباحا صار باردا الآن لكن لم يكن لدي وقت لطلب واحد آخر.

كان عقد الشراكة هذا ينصّ على عمل الشركتين معا في إنتاج الحرير و تصديره لمدة ثلاث سنوات، في حين يكون قابلا للتجديد إن وافق الطرفان على ذلك بعد انتهاء المدة.

لا تدخل شركتنا في مثل هذا النوع من الشراكات إلا إذا كان الطّرف الثاني ناجحا في السوق المحلية. و بالتالي تصبح شركتنا قادرة على تصدير منتجاتهم و التسويق لها في الأسواق الأجنبية.

شركة النّسيج الحالية تنتج أجود أنواع الحرير الطبيعي في البلاد كلها و أغلب ماركات الملابس المعروفة تستعمل منتجاتها.

خلال أربعين دقيقة من تحرير البنود و إعادة صياغتها تمكّنتُ أخيرا من إتمام العقد. حمّلت الملفّ المتعلق بخطة المشروع الذي تمّت دراسته و تعديله في مختلف أقسام الشركة الأخرى، كما أخذت معي نسخةً ورقية و أخرى الكترونية من العقد و غادرت مكتبي نحو مكتب نائب المدير.

كنت أسير في الرواق نحو المصعد، حين اصطدم بي شخص ما فوقعت الملفّات من يدي. انحنيت لكي احملها و أسرع لمكتب نائب المدير قبل أن أتأخر. لكن الآنسة التي اصطدمت بي كانت تنتظر اعتذارا.

"هل أنتِ عمياء؟ لماذا لا تنظرين أمامك؟" قالت المرأة الوقحة بينما كنت أجمع الأوراق المتناثرة على الأرض.
"لكنّك أنتِ من اصطدم بي. لقد أتيتِ مسرعةً و دفعتني." قلت بهدوء محاولةً أن أتمالك أعصابي.

"يا لوقاحتك! سأقدم شكوى للمديرة حالا. ما هو اسمك؟"

"أنا جودي، المستشارة القانونية للشركة." رمقتني المرأة بنظرة ازدراء.. "لديّ عمل مهم أقوم به الآن. أراكِ لاحقًا." مشيتُ بهدوء في طريقي ثم نظرتُ إلى المرأة التي كانت لا تزال واقفة خلفي "على فكرة، هناك كاميرات مراقبة في الرّواق، إن ثبُت عكس ما تدَّعينَه سأتّخذ إجراءات قانونية ضدك."

أرجو أن يكون هذا كافيا لإبعادها عنّي..
فور وصولي إلى الإدارة العامة، قادتني جينا نحو مكتب نائب المدير.

"اجلسي هنا" أشارت إلى الأريكة المقابلة للمكتب، "سيأتي وائل بعد لحظات."

"حسنا، شكرا لكِ" وضعت الوثائق على الطاولة و جلست.

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن