48

6 3 0
                                    

[روبي]

راقبتُ جودي عبر الزجاج لوقت طويل في انتظار قدوم الفتيات. لا شيء يستحق أن تموتي من أجله يا جودي.. لا تكفي الكلمات وحدها لعتابك، خاصة و أنتِ راقدة هناك بدون حراك محاطة بالكثير من الأجهزة و الآلات.. ما الذي تحلمين به الآن يا ترى؟ هل وجدتِ السعادة التي قايضتي حياتكِ بها؟

مهما حاولت أن أفهم كيف كانت جودي تفكر لم أستطع أن أعذرها لقيامها بأمر كهذا دون التفكير في مشاعر أصدقائها. كان رائد قلقا مثلي تماما مما دلّ على مكانة جودي في قلبه و على الفراغ الذي خلفه غيابها المفاجئ. ربما قد أكون مخطئة.. ربما هو فقط قلقٌ حول ردّة فعل الرئيس حول ما حدث لابنته. لكنه كان يبدو تائها و غير مبال لما يحدث من حوله.

وقف حارسان أمام باب غرفة جودي بينما رحل البقية مع سكرتيرة الرئيس. كان الهدوء الذي يسود المكان لا يُحتمل، كالهدوء الذي يسبق العاصفة. في داخلي أمل صغير في عودة الأمور إلى ما كانت عليه.. صوتٌ يخبرني أن جودي لن ترحل، لن تتركنا بعد أن تعوّدنا على وجودها بيننا، بل ستعود إلينا و كأن شيئا من هذا لم يحدث.. سوف تستقرّ حالتها خلال الساعات القادمة و ستتحسّن شيئا فشيئا حتى تعود إلينا..

قطع حبلَ أفكاري صوتُ سالي التي دخلت مسرعةً نحوي و ارتمت في حضني و بكت بدون توقف. كانت ليندا تسير خلفها ببطء و الدّهشة بادية على وجهها الذي لم تجف آثار الدموع عليه بعد، إذ يبدو من خلال عينيها أنها كانت تبكي طوال الطريق إلى هنا. سحبَت سالي جسدها المرهق من بين ذراعي و حاولت التنفس بهدوء.

"ما الذي حدث؟" سألت سالي و هي تنظر عبر الزجاج إلى جودي التي نجت من الموت بأعجوبة.

"لا تقلقي.. ستكون جودي بخير. إنها فقط تحت المراقبة الآن." حاولتُ طمأنتها دون إخبارها بما حدث. "اجلسي هنا." طلبتُ منها فانصاعت دون تذمر أو اعتراض. سيكون الانتظار حتى الغد أمرا صعبا لكن لابد منه..

خرجت و ليندا نحو البهو ثمّ عبر البوابة نحو الباحة الأمامية حيث جلسنا جنبا لجنب. لم تنطق أيّ منا بحرف واحد لدقائق لكن السكوت كان محمّلا بكثير من المعاني التي تعجز الكلمات عن إيصالها في مثل هذا الموقف.

"لقد فعلتها جودي هذه المرة أيضا.." قالت ليندا و عيناها تحدقان نحو الأسفل.

"هل حصل مثل هذا الأمر من قبل؟ متى كان ذلك؟"

"اعتقدتُ أنها تخلّت عن هذه الفكرة بعد كل هذه السنوات.. لقد كنتُ مخطئة." لم تجب ليندا عن سؤالي لكن ما قالته كان كافيا لتتضح الأمور التي كانت غامضة بالنسبة لي.

"هل ستنجو؟" سألت ليندا بهدوء بعد أن استعادت رباطة جأشها.

"ربما.."

"كوني صريحة معي.. فأنا لست سالي."

"لا أعلم.. لم تتجاوز جودي مرحلة الخطر بعد.." ترددتُ قليلا قبل أن أجيبها.

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]Donde viven las historias. Descúbrelo ahora