16

7 4 0
                                    

[سالي]

"استيقظي يا جودي، ستتأخّرين على عملك." ناديتُ الفتاةَ التي كانت لا تزال نائمة و سرت عبر غرفتها نحو النافذة. قمتُ برفع الستائر فدخلت أشعة الشّمس السّاطعة و ملأ دفئها المكان. "هيا، لا تتكاسلي.."

"لم يرنّ منبهي بعد.." اشتكت جودي ثمّ غطّت رأسها لتعود للنّوم مجددا.

"لقد رنّ منبّهك منذ ربع ساعة.. هيّا قومي." قلتُ لها و قمتُ بسحب الغطاء من فوقها. بقِيَت مستلقيةً هناك للحظات، ثمّ جلست تدريجيًّا و بدأَت تستجيب لي.

"حسنا، سأستحمّ بسرعة و أغيّر ملابسي و أنظمّ إليكنّ على الفطور." قالت بكسلٍ بينما لازالت جالسة على حافة السرير.

"هيا، لا تتأخري.." غادرتُ بينما قامت هي لتحضير نفسها.

روبي و ليندا كانتا في المطبخ تحضّران الفطور. كانت روبي تقوم بعصر الفواكه الطّازجة بينما كانت ليندا تضع البسكويت في الفرن.

"لماذا لا نشتري البسكويت بدلا من خبزه كلّ مرة؟" سألتُها ممازحةً. "البسكويت الذي تُعدّينه لذيذ، لكن..."

"هذه وصفةٌ متوارثةٌ في عائلتي منذ أجيال.. البسكويت الذي أعدّه سيجلب لكنّ الحظ.." أجابت ليندا ككلّ مرّةٍ و هي تضحك.

"تقولين هذا دائمًا.. و انظري لحظّي.." روبي لم تكن بخير مؤخّرا، لكنّ الكثير من الأمور وقعت في آن واحد و نسينا كلّيا ما حدث معها. "لقد انفصلتُ عن لويس منذ أسبوع و والدتي تعتقد أنني المخطئة و تطلب مني أن أصالحه.." تنهّدَت روبي، ثمّ واصلت: "هو من قام بخيانتي ثم انفصل عنّي، كيف يكون هذا خطئي؟" تركَت ما كانت تفعله و جلسَت إلى الطاولة. لقد كانت منفعلةً كما لم أرها من قبل.

"لا بأس. أنتِ لستِ المخطئة. مادمت مقتنعةً بذلك، لا يهمّك ما تقوله والدتك." قالت ليندا ما كنتُ أفكر به تماما.. إلا أنّني لا أرى نفسي مؤهلة لقول ذلك لها. بما أنني أصغرهنّ و أقلهنّ خبرة بالحياة، كنتُ أتلقى النّصح منهن دائما، لكنّني أخجل أن أقدم النّصح لهن في المقابل.

توجهتُ نحو خزانة الأواني و حملت الكؤوس، وضعتها على الطاولة و جلبت إبريق العصير الذي صنعته روبي.

"لقد تأخّرَت جودي.. سأذهب لأتفقّدها." قالت روبي و سارت نحو غرفة جودي.

صحيح، لقد تأخّرَت.. لا أدري ماذا بها هي الأخرى. ربّما لم تنم جيّدا ليلة البارحة. أرجو فقط أن لا تعود لعزلتها السّابقة، فقد أصبحت الأمور أكثر متعة منذ بدأت جودي تشاركنا نشاطاتنا و سهراتنا. كنّا لا نراها إلا نادرا. كانت تعمل طوال اليوم و تحبس نفسها في غرفتها عندما تعود للبيت. لم تكن تكلّمنا إلّا قليلا. خلال تلك الفترة، كنت أتّصل بها لنلتقي على الغداء و كانت تقبل بدون تردّد. على الرّغم من انطوائيتها لم تكن جودي لتُحرِج شخصًا مثلي يطلب تناول الغداء معها كل يوم.

تدريجيّا اعتادت على روتين حياتنا و اندمجت معنا و صارت جزءا مهما منه. لا أريد أن أراها تنسحب مجددا نحو ظلمات عزلتها..

"حسنا، دعينا ننتهي من تحضير الفطور بسرعة." قالت ليندا، لكن سرعان ما لاحظت تعابير القلق على وجهي، فأضافت "لا تقلقي.. لقد عشتُ مع جودي لعدة سنوات، هي هكذا دائمًا، تحتاج فترةً من الراحة بعيدا عن البشر أو عن الواقع ربما. لن نستطيع فهمها لكننا نستطيع تفهّمها و تقبّلها كما هي."

"صحيح."

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن