42

13 2 0
                                    

[رائد]

أصيبت روبي بالفزع عندما بحثنا عن جودي داخل الشركة و لم نجدها، و عندما سألنا عمال الاستقبال أخبرونا أنهم لم يروها. ربما كان من الغباء عدم اللحاق بها حين غادرت المكتب.. بدأت الأفكار السلبية تغزو عقلي و انتابني شعور رهيب بالندم لأنني لم أكن متيقظا كفاية لما يحدث و تركتها تذهب. 

"هل تعتقد أنها غادرت المبنى؟" سألت روبي بينما كنا نبحث بين مختلف أقسام الشركة.

وقفت فجأة عندما خطرت في بالي فكرة، "أظن أنني أعرف أين سأجدها، اتبعيني."

إن كان ما أفكر فيه صحيحا، فأرجو أن لا نصل متأخرين. قدت السيارة في صمت محاولا أن لا أفكر كثيرا فيما قد يحدث. كيف ستكون ردّة فعل الرئيس إن حدث شيء ما لابنته؟

نزلت روبي من السيارة مسرعة و تبعتني نحو المكان الذي التقيت فيه جودي لأول مرة وجها لوجه. ركضنا و كأن العالم من خلفنا ينهار.. كانت جودي أمامنا، لمحتها من بعيد تقف هناك كالطيف، كجسد خال من الحياة، و كأنها قد قررت أن تستسلم و تتخلى عن كل شيء.. ركضت نحوها أسرع من ذي قبل لكنها سرعان ما اختفت و كأنها لم تكن هناك منذ البداية.

"جودي.. جووودي.." وقفت روبي مفزوعة في مكانها دون حراك، أما أنا فواصلت الركض نحو المكان الذي اختفت جودي منه.

"جودي لا تجيد السباحة" قالت روبي و هي تنظر إليّ بوجه ملطخ بسيل من الدموع، "أرجوك أنقذها.."

"اتصلي بالرئيس فورا و اطلبي الدّعم.." طلبت من روبي، ثم قفزت نحو الماء راجيا أن ألحق بجودي قبل فوات الأوان.

ما الذي كانت تفكّر فيه؟ ما الذي جعلها تتصرف بتهوّر هكذا؟ كانت تُبعدني عنها كلما حاولت التقرب منها و فهمها أو تقديم المساعدة لها، ربما لأنني من طرف والدها.

بحثت طويلا لكن بدون فائدة فقد كان من الصّعب إيجادها بعد أن اشتدّت الرياح و ارتفعت الأمواج. أصبحت السّباحة شبه مستحيلة خاصة في حالتي هذه، لكنني لن أستسلم حتى أنقذها.

يمرّ الوقت ببطء شديد عندما نكون في موقف صعب. كدت أفقد الأمل في إيجادها حين لمحت مركبا صغيرا يقترب مني، كان على متنه مجموعة من الحراس الذين قام الرئيس بإرسالهم من أجل مساعدتي في البحث عن جودي. مدّ أحدهم يده نحوي و سحبني داخل المركب. استلقيت على ظهري و حاولت أن أهدأ و أتنفس و أستجمع قواي لأستمر في البحث. كان صدري يؤلمني و كذا ذراعي لكنني وقفت من مكاني على المركب الذي كان متوقفا حينها و سرت نحو الآخرين.

"هل جلبتم غواصين؟" سألت حين رأيت شخصا يرتدي بدلة غطس و يضع قارورة الأكسجين على ظهره يقفز من سطح المركب.

"إنها أوامر الرئيس.." أجاب أحدهم و قد كان يحمل منظارا و يراقب المحيط.

"لقد ارتفع مستوى الماء و صار البحر أكثر هيجانا مما كان عليه." قلت بصوت منخفض.

"يجب أن نجدها قبل حلول الليل. سيصعب علينا البحث في الظلام." قال الشاب الذي يحمل المنظار.

بعد لحظات اقترب مركب آخر و قد كانت سكرتيرة الرئيس على متنه، طلبت مني أن أقفز نحو المركب الثاني ففعلت.

"كيف سمحت لهذا الأمر بأن يحدث خلال مناوبتك؟" كانت نظراتها نحوي مرعبة، ربما جاهدت نفسها لكي لا تنقض عليّ و تقتلني.

"أنا آسف جدا. لم أكن أرغب في حدوث هذا.. سأصحح خطئي،أعدك." قلت مطئطئا رأسي، ليس خوفا أو خجلا منها بل لإحساسي بالذنب اتجاه جودي.

"يجب أن تفعل هذا لعلّ الرئيس يصفح عنك." قالت و هي تنظر نحوي باشمئزاز.

"الرئيس.. أين هو الآن؟"

"لديه اجتماع مع مستشاريه الآن و لا يستطيع المجيء إلى هنا." قالت ثم جلست على الكرسي الذي جلبه لها أحد الحراس.

"هل سيأتي لاحقا؟" سألت مجددا.

"لن يفعل. لديه العديد من الأعمال التي لا يمكن إلغاؤها أو تأجيلها." أجابت ثم أضافت، "يمكنك العودة للبحث الآن. لا تخيب ظني!"

حكايات منتصف الليل [Midnight Tales]Unde poveștirile trăiesc. Descoperă acum